تونس : نداء لإنقاذ شارع الهادي نويرة بحي النصر من البلطجة و الهمجيًة

شارع الهادي نويرة بحي التصر الذي طمح مصمموه في جعله اكبر واجمل شارع في تونس و القارة الأفريقية أصبح بمثابة مصبً للفضلات ومرتعا للأكشاك و محلات الفواكه الجافة و غيرها من البضاعات و الغلال الموسمية، مع تفاقم ظاهرة التطاول على الرصيف و رواق المترجلين، إضافة إلى وقوف السيارات بكل بلطجة و همجيًة دون أدنى اعتبار للقانون.

إلياس القصري

بطول 2400 متر، شارع الهادي نويرة بحي النصر الراجع لبلدية أريانة هو أطول شارع في الجمهورية التونسية و يمثل بكثافة بناياته العمودية نموذجا للتهيئة العمرانية العمودية المستقبليًة للمدن التونسية.

بعد انطلاقة في تسعينات القرن الماضي جعلت منه وجهة متميزة للسكن و الاستثمار، ظهرت في السنوات الأخيرة مؤشرات تراجع قيمته وجاذبيته نظرا للتدني الملحوظ لنوعية الحياة فيه و نفور عديد المتساكنين الذين خيروا الانتقال لمناطق أخرى مقابل تكليف سماسرة بكراء شققهم او منازلهم و انحدرت الأصول التجارية حيث سقطت على باب المثال قيمة الأصل التجاري لقاعة شاي على شارع الهادي نويرة في أقل من عشرية من قرابة 480.000 دينار إلى ثمن ذلك المبلغ بعد مفاوضات مطوًلة و مضنية.

فوضى عارمة و سقوط مدوي

اضافة الى مخلفات جائحة فيروس كورونا و الركود الاقتصادي العام فإن الشارع الذي طمح مصمموه في جعله اكبر واجمل شارع في القارة الأفريقية أصبح، مع شديد الحسرة و الأسف خصوصا لمن استثمروا في أصول تجارية أو مساكن باهضة الثمن، بمثابة مصبً للفضلات رغم كل المجهودات المبذولة من طرف المصالح البلدية ومرتعا للأكشاك و محلات الفواكه الجافة و غيرها من البضاعات و الغلال الموسمية، مع تفاقم ظاهرة التطاول على الرصيف و رواق المترجلين، إضافة إلى وقوف السيارات بكل بلطجة و همجيًة دون أدنى اعتبار للقانون و حقوق المترجلين و خصوصا منهم المسنًين وأصحاب الاحتياجات الخصوصية.

فوضى عارمة و سقوط مدوي و ملحوظ لأكبر شارع في الجمهورية التونسية قيمة و نشاطا و جاذبية و نوعية الحياة.

حتى أمل المتساكنين في التحسين النسبي بتهيئة رصيف شارع الهادي نويرة الذي خصًصت له اعتمادات تقارب نصف مليار من المليمات نتجت عنه نقائص جمًة و ما يرى فيه العديد من المتساكنين و مرتادي ذلك الشريان الاقتصادي من انحرافات قد تكون من مشمولات أنظار الأجهزة الرقابية للدولة إضافة إلى مفاقمتها لصعوبة حركة المرور و تشكيلها خطرا و دافعا إضافيا لتجنًب أو حتى مغادرة ذلك الشارع.

تزامنا مع عملية تحيين مجلة التهيئة الترابية والعمرانية و مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية بالمناطق البلدية، المطلوب في الوقت الراهن التريث قبل الشروع في أي تدخلات غير مدروسة بصفة معمًقة و كافية مع تكليف مكتب دراسات مختص وذي مصداقية بمسح مدقًق لوضعية اكبر شارع في الجمهورية التونسية وذلك بمشاركة المجتمع المدني والكفاءات التي يعجً بها حي النصر، قصد تقديم مقترحات عملية تأخذ بعين الإعتبار حقوق وتطلعات المتساكنين و اصحاب المحلات التجارية والخدماتية والمرتادين بهدف السعي على قدر الإمكان لاستعادة بريق شارع الهادي نويرة الذي يمثل العمود الفقري لحي النصر الذي من المنتظر أن يتجاوز عدد سكانه 100.000 نسمة في العشرية القادمة و يبقى بدون منازع أهم شريان اقتصادي لولاية أريانة.

اثر سلسلة من جلسات الحوار والتشاور بين الكفاءات المحليًة اضافة الى موائد مستديرة دعي إليها المسؤولين الجهويين والمحليين و ممثلي النصر في شتى المجالس النيابية نظمتها جمعية متساكني شارع الهادي نويرة بحي النصر تتًجه المساعي نحو المحاور التالية:

1- صياغة تصوًرات ومقترحات من شأنها تحسين نوعية الحياة و التنقل و جمالية و جاذبية شارع الهادي نويرة بالشراكة مع أعرق الجامعات وارقى الكفاءات التونسية في الهندسة والتخطيط العمراني و التنقل.

2- العمل على انجاز مثال هندسي و مخطط وظيفي منفتحين على المحيط والبيئة للمركب الثقافي بحي النصر لكي يتجاوز مساحته الأصلية ب 7906 مترا مربعا و ينفتح على المساحة الخضراء المحاذية والمهجورة التي تقارب مساحتها خمسة هكتارات للحدً من التصحًر الثقافي و البيئي الذين يشكو منهما متساكني حي النصر وذلك بتوفير فضاءات بيئيًة و ثقافيًة لكل الشرائح العمريًة و خصوصا الشباب للتقليص من إغراءات الانحراف و تعاطي النشاطات والمواد المحظورة.

3- الشروع في دراسة حول سبل الارتقاء بحي النصر ليصبح وجهة منظمة و ذي قدرة تنافسية دوليًة للسياحة الاستشفائية نظرا للعدد المتزايد فيه للمصحات ومراكز التحاليل الصحية والعيادات الطبية التي تستقطب عددا متزايدا من الحرفاء الأجانب من المنطقة المغاربية و إفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا وحتى من القارة الأمريكية مما سيخلق آفاقا جديدة للاستثمار و تشغيل الكفاءات التونسية و التنشيط الاقتصادي في حي النصر اولا و ولاية اريانة بصفة عامة اضافة إلى الإسهام في تلميع صورة تونس في عديد البلدان الأجنبية.

و يبقى انفتاح السلطات المعنية مركزيا و جهويا و محليا اهمً حافز لمساهمة الكفاءات العالية التي تزخر بها الجهة للتوصًل إلى أحسن الصيغ المتاحة في مجالات التخطيط العمراني والتأطير الثقافي و الاقتصادي قصد خلق الثروة ومواطن الشغل، اضافة الى التوظيف الأمثل للمال العام و تقريب الدولة من المواطن.

سفير سابق.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.