الفنان التونسي حافظ حداد عاش و مات دون أن يلقي حظوة لدى الإعلاميين في نونس رغم أنه مثل بلاده في الخارج بما كان يؤديه من أغاني و أهازيج من فن السطنبالي الذي كان واحدا من نجومه. هذا المقال محاولة لإعادة الاعتبار لهذا الفنان المنسي.
جمال قتالة
حتى لا ننسى حافظ حداد، عندما علمت زوجته، التي قابلتها في مكان ما بتونس، أنني جزائري، بدأت تتحدث عن زوجها حافظ حداد، الذي لم أكن أعرفه آنذاك. هذا الفنان قدّم ومثّل تونس في العديد من المهرجانات الثقافية في الجزائر، أبرزها المهرجان الدولي لفن القناوة، وهو ما يعادل السطمبالي في تونس. تحدثت عن معاناتها وتأثرها بعد وفاته، وكيف كان يعاني من التهميش يومها، حيث لم تتناول أي صحيفة أو وسيلة إعلامية وفاته، رغم أن يوم وفاته كان نفسه الذي شهد وفاة الفنان المسرحي سفيان الشعري – 22 أوت 2011 – وجنازتهما في نفس اليوم. هذا أثار فضولي، فبدأت أستمع إلى أغانيه وأتعرف على الطبوع التي كان يؤديها.
حافظ حداد عازف قمبري وأحد رواد الفن الشعبي في تونس. الشهادة الوحيدة التي حصلنا عليها كانت من النقابة التونسية للمهن الموسيقية، والتي تعترف بحافظ حداد كأحد أفضل الموسيقيين التونسيين في مجال السطمبالي، بمهارة عالية في العزف على آلة القمبري وآلات الإيقاع المصاحبة لها. كان يُلقب بـ”ينا” أي المعلم، وكان قبلة لكل الراغبين في تعلم هذا النوع من الموسيقى، بما فيهم من حازوا على شهادات عليا في الفن الأكاديمي.
إضافة إلى ذلك، كان حافظ حداد يرافق فنانين أجانب في عروض وورش عمل، مثل ورشة الجاز التي نظمت بالتعاون مع المعهد العالي للموسيقى والمركز الثقافي الفرنسي، وساهم في إعداد بعض الأشرطة الوثائقية عن السطمبالي وظهر فيها كممثل.
القيمة الفنية لحافظ حداد معترف بها من قبل الباحث زهير قوجة، المختص في علم موسيقى الشعوب، الذي يقول إنه لم يتبقى في تونس سوى أربعة شيوخ في هذا المجال، من بينهم حافظ حداد الذي كان يعتبر من أفضل عازفي آلة القمبري وأداء نوبة السطمبالي. يذكر الباحث أنه تعلم العزف على القمبري والقميرة التونسية على يديه، وشمل تعليمه الجوانب التقنية والإيقاعية التي تتعلق بوظيفتها العلاجية.
يُذكر أيضًا المشروع الموسيقي الذي جمع في عام 2004 بين نمطين شعبيين، السطمبالي والمزود، تحت اسم “طمبلة”، والذي جمع بين حافظ حداد والهادي دنيا، مع مجموعة من العازفين من كلتا المدرستين.
للأسف، موسيقى السطمبالي، التي كان حافظ حداد يؤديها، هي إحدى الطبوع الموسيقية المميزة التي تأثرت بالتهميش مثل غيرها من التقاليد الفنية والثقافية التونسية. توفي حافظ حداد في 22 أغسطس 2011 إثر حادث سير، دون أن يلقى الإعلان أو التقدير الكافي. فهل من التفاتة للرجل من أهل الثقافة؟