لم يسلم من لسانه السليط أحد سوى من انتسب أو احتمى و لو مؤقتا بظل الرئيس قيس سعيّد، قصفه الجدلي طال الجميع يمينا و يسارا و وسطا كما طال أيضا الهيئات القضائية واتحاد الشغل و نقابة الصحافيين و رجال التعليم و كل من تولى المسؤولية قبل صعود الرئيس قيس سعيد للحكم. نحن نتحدث طبعا عن شخص وصفه وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام بالولد العابث الذي ينتمي إلى شلة من “المحللين في اتجاه واحد” مثل نجيب الدزيري و خليل الرقيق أحاطوا بالرئيس و بات الجميع ينظر إليهم على كونهم ينطقون بما يستحى الرئيس نفسه رغم سلاطة لسانه و عنف خطابه عن الإفصاح عنه.
بقلم أحمد الحباسي
نحن نتحدث طبعا عن شخص دعا النائب السابق عبد اللطيف العلوي مندوب الطفولة إلى حمايته واصفا إياه بالطفل الذي صار من المفروض أو المستعجل التدخل إلى فرض وصاية طبية عليه بعد أن تبين أنه فقد توازنه النفسي و الذهني و بات يمثل خطرا على نفسه و على ذهن الرأي العام الذي يرى فيه مجرد ألعوبة طيعة و غير واعية في يد نظام يسير نحو المجهول.
لا ينكر السيد رياض جراد أنه قد جنّد نفسه للدفاع عن مشروع الرئيس قيس سعيد و هذا حقه لكن الرجل و منذ صعود الرئيس للحكم و لحد الآن لم يقدر على تقديم نظرية أو رؤوس أقلام لما يسميه بمشروع الرئيس مكتفيا مثله مثل الرئيس بنفس الجمل الرتيبة المملة المكررة الفارغة من المضمون الملموس.
فن التطبيل للحكام
هذا مهم لفهم الأسباب التي تدفع الرجل لإطلاق زخات من السباب و النعوت الهابطة حين يواجهه الطرف المقابل بالحقيقة المؤكدة التي تقول أن السيد الرئيس يقود البلاد بالرؤية أو بسياسة كل ساعة و علمها، هذا مهم لفهم الأسباب التي تجعل “هذا الولد العابث” يمسّ بالقواعد الأولية للحوار و تجاذب الآراء و يختار الالتجاء إلى بذيء القول و عبارات التشويه و القذف حين يعجز عن الردّ على بسط الأسئلة حول مشروع الرئيس الذي كان من المفروض بصفته قد سخّر نفسه للدفاع عنه أن يكون ملما به عن ظهر قلب.
التطبيل للحكام و المسئولين ليس “فنّا ” حديثا لكنه تطور مع الزمن متخذا أشكالا عدة و لذلك نجد أمثال “الولد العابث” رياض جراد الذي يؤدى دورا هابطا و يرسم لنفسه رؤية متعصبة بعيدة عن الواقع و الأرقام و الإحصائيات و لغة الشارع و مشاكله، رؤية تقوم على عناصر أساسية هي تطييح القدر و التطاول على المقامات و التهجم القبيح على الضيوف لإخفاء العيب الأساسي و هو قلة المعرفة إضافة إلى جهل كامل بآداب الخطاب الإعلامي يضاف إليه كمية عالية من النرجسية و الغرور و التعالي لترهيب الطرف المقابل و الإيحاء له أنه يجب أن يصمت قبل أن يتكلم كما يقال.
مشكلة السيد رياض جراد و أمثاله من الذين يطبلون لخطاب و توجهات الرئيس قيس سعيد أنهم يظنون عبثا أن للرجل مشروعا يستحق التطبيل و التسويق و هزّ الوسط الإعلامي مطلوب متجاهلين أن ما كان يصلح في فترة وزير الإعلام في عهد الطاغية أدولف هتلر لم يعد صالحا أو مقبولا في عهد الفضاء الإفتراضى المفتوح و أنه على كل من يقدمون الوجبات الإعلامية أن ينتبهوا إلى أن عصر الدجل و التدجيل قد ولّى.
خطاب التقسيم أو تقسيم المقسّم
نحن لا ننتقد السيد الرئيس كشخص بل ننتقد الأداء و غياب الرؤية و المشروع كما ننتقد بشدة خطاب التخوين الذي يطال الجميع و دون تفرقة أو تنسيب، قلنا هذا حين خرج السيد محمد المنصف المرزوقي عن هذا السياق و تطاول على هذا الشعب و قلنا هذا حين تطاول أمير قطر السابق على تونس و قلل من هيبة الرئيس المرزوقي و قلنا هذا حين تطاول أحد السفراء الأجانب و تدخل في ما لا يعنيه ثم نقوله اليوم حين نسمع خطاب التقسيم و ضرب الأغلبية دون تمييز.
لعله من الحكمة اليوم أن يلتفت السيد الرئيس إلى موضوع تطاول مناصريه مثل السيد رياض جراد على كل من ينبس بكلمة ناقدة أو معارضة و أن ينطق بخطاب صريح رافض لمثل هذه الأساليب القبيحة الفجّة التي تمسّ من هيبة الدولة و دور الإعلام و تدعم خطاب التقسيم أو تقسيم المقسّم. إن ما جاء على لسان السيد رياض جراد منذ ساعات من مسّ و تطاول و تشهير ببعض السادة قضاة المحكمة الإدارية و باعتباره محسوبا على السيد الرئيس يمثل قمة العجرفة في الخطاب الإعلامي و السياسي و يمثل رسالة مضمونة الوصول لهؤلاء القضاة و لعموم الشعب بأن الأمور في البلاد قد خرجت عن السيطرة و بأن النيابة العمومية قد غفت عن أداء دورها رغم كونها قد كانت سبّاقة في مواضيع أخرى و الفاهم يفهم.
كاتب و ناشط سياسي.