في مقابلة مع المجلة الأسبوعية الفرنسية “جون أفريك”، تحدث حمزة المدب، المحلل السياسي التونسي، عن التوترات السياسية المتزايدة في تونس، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر. و يرى أن المشهد السياسي التونسي يعيش حالة من الاستقطاب والتوتر غير المسبوقين.
جمال قتالة
يصف حمزة المدب القرار الأخير الصادر عن المحكمة الإدارية، والذي قضى بإعادة ثلاثة مرشحين إلى السباق الانتخابي و هم عبد اللطيف المكي و المنذر الزنايدي و عماد الدايمي، بأنه “قرار كبير” يحمل دلالات عميقة على المشهد السياسي الحالي في البلاد حتى و إن رفضت تنفيذه هيئة الانتخابات في سابقة خطيرة من نوعها.
في رأي الباحث، هذا القرار أعاد تشكيل الساحة الانتخابية وأضفى أهمية كبيرة على الانتخابات التي كان يُنظر إليها على أنها ستكون مجرد إجراء شكلي يفضي إلى إعادة انتخاب الرئيس الحالي قيس سعيد دون منافسة حقيقية.
من خلال إعادة هؤلاء المرشحين إلى السباق، عزز القرار فرص وجود منافسة فعلية في الانتخابات، وهو ما قد كان سيدفع بعض الناخبين الذين كانوا مترددين أو يفكرون في مقاطعة الانتخابات إلى المشاركة الفعلية. المدب يشير إلى أن وجود ستة مرشحين في السباق عوضا عن ثلاث فقط كان سيزيد من صعوبة فوز سعيد من الجولة الأولى، وهو ما كان متوقعًا في ظل غياب منافسة قوية.
ضمان نتائج محسومة سلفًا
المدب يؤكد أن قيس سعيد لا يتعامل مع الانتخابات كعملية ديمقراطية تقليدية، بل ينظر إليها كنوع من الاستفتاء الشعبي على شخصه، وهو ما يبرز أن الرهان بالنسبة له ليس مجرد الفوز بالانتخابات بل الحصول على تأييد شعبي كاسح يعزز شرعيته. هذه النظرة، وفقًا للمدب، تجعل من الانتخابات اختبارًا حاسمًا ليس فقط لسعيد، ولكن أيضًا للديمقراطية التونسية ككل، في ظل محاولات السلطة لتضييق الخناق على العملية الانتخابية وضمان نتائج محسومة سلفًا.
في الوقت الذي تستمر فيه التوترات وتتصاعد التوقعات بإمكانية تأجيل الجولة الأولى من الانتخابات، يشير المدب إلى أن الوضع في تونس بات معقدًا للغاية. فالإجراءات التي تتخذها هيئة الانتخابات، مثل إعادة النظر في أهلية بعض المرشحين حتى بعد قبولهم رسميًا، تُظهر حجم الضغوط والتدخلات السياسية التي تعصف بالعملية الانتخابية، مما يزيد من حدة التوترات وعدم اليقين.
المشهد السياسي التونسي يعيش حالة من الاستقطاب والتوتر غير المسبوقين، حيث تسعى مختلف القوى السياسية إلى تعزيز مواقعها في ظل بيئة سياسية تتسم بعدم الاستقرار والانقسامات العميقة. وفي هذا السياق، يبقى التساؤل حول ما إذا كانت هذه التطورات ستسهم في تعزيز الديمقراطية التونسية أم ستدفع بالبلاد نحو مزيد من الانقسام والتأزم.
Jeune Afrique, septembre 2024, n° 3140