تابعت منظمة آلارت المنشور الصادر على صفحة رئاسة الجمهورية والذي جاء فيه اصرار من قبل رئاسة الجمهورية على “ضرورة مراجعة النظام القانوني لتسويغ أملاك الدولة وتكريس مبدأ الأولوية (…) في عمليات التسويغ لمن يتقدم بمشاريع لإنشاء شركات أهلية …” وكالعادة جاء التبرير في النص ذاته بتعلة أن هذه الممارسة “مبدأ مألوف في القانون”.
تعتبر منظمة آلارت هذه القرارات منعرج خطير ومعهود في محاولة سيطرة النظام السياسي على المنظومة الاقتصادية. فبعد إلتجاء السلطة الحالية لمنظومة البنوك قصد توفير قروض بنسب فائدة رمزية خصيصا للشركات الأهلية، نرى اليوم سعيها لتخصيص “املاك الدولة” لنفس هذه الشركات.
- يجب التذكير هنا أن “الشركات الأهلية” صفة قانونية للمبادرة أحدثت بالمرسوم الرئاسي عدد 15 لسنة 2022 في إطار التدابير الاستثنائية. كان الهدف المعلن وراء هذه المبادرة “اجتماعي تضامني” رغم صدور قانون 30 جوان 2020 الذي ينضم االاقتصاد الاجتماعي والتضامني والذي بقي حبرا على ورق لغياب أوامره الترتيبية.
- يجب التذكير أيضا أن حسب نص المرسوم، تتكون الشركة الأهلية على الأقل من 50 عضو تتوفر فيهم صفة الناخب، بالرغم من تنصيص الفصل 9 على منع هذه الشركات من ممارسة نشاطات السياسية. وكأن الشركات الأهلية هي في الحقيقة مشروع سياسي هدفه خلق قاعدة انتخابية.
**كانت الشركات الأهلية موضوع بروباڤندا سياسية اذ قدمت كحل سحري للبطالة والنمو الاقتصادي وتم بعث كتابة دولة خاصة بها. ومع ذلك انحصر عددها على بعض الشركات ذات المردودية الضعيفة جدا لم تتجاوز مرابيحها السنوية بعض الدنانير لكل منتفع.
- خصصت السلطة السياسية في مناسبتين خطوط تمويل للشركات الأهلية قدرها 20 مليون دينار (قوانين مالية 23 و24) ولكن لم تفعل هذه الخطوط مما يؤكد أنها مجرد عملية تسويق سياسي.
- في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الخانق، مرت السلطة السياسية من مرحلة الامتيازات الرمزية (الجبائية والتسهيلات الإدارية) إلى امتيازات اكبر الهدف منها خلق “استبلشمنت” اقتصادي جديد يرافق المنظومة السياسية الجديدة. فكل ما تأتي منظومة سياسية جديدة، وفي إطار المحافظة على التوازن الريعي، تختار السلطة من تقصي وعلى من تحافظ من المنظومة الاقتصادية التي الي سبقها بهدف خلق برجوازية اقتصادية جديدة تكون وفية لها مقابل امتيازات اقتصادية.
ان هذه الامتيازات دوس مستمر لمبدأ المساواة في الحقوق و الحريات الاقتصادية التي تناضل من أجله منظمة آلارت، إذ يتحصل المنخرطون في مسار السلطة السياسية على قروض وأراضي دولية (لا من أجل تطلعات اقتصادية موضوعية بل كمكافئة لمبايعتهم السياسية للنظام الحالي) بينما تبقى أغلبية المواطنين رهينة غلاء الاسعار وغياب أدنى المرافق العمومية نتيجة الفشل السياسي والإفلاس الاقتصادي.