تجارب سياحية جديدة في تستور و نابل و القيروان

أصبحت المنتجات المحلية الرائدة في تونس و منها الرمان بتستور و الورد بالقيروان و ماء الزهر بنابل في جوهر العرض السياحي في هذه المناطق حيث أصبح أكثر ثراءا، مشكلا روابط متينة بين المهارات المحلية و تجارب الزوار و زاد من قرب الزائرين من السكان المحليين.

تراهن تونس بنسق متزايد على تثمين المنتجات المحلية بشكل كلي وتسعى إلى دفع نمط جديد من السياحة البديلة القائمة على التراث الغذائي والزراعي الذي يقدم صورة عن أصالة البلد. وفي هذا السياق، يقدم مشروع تعزيز نفاذ المنتجات المحلية و الغذائية للأسواق (Seco/Onudi) الدعم منذ بضع سنوات الدعم لما لا يقل عن 250 متعامل من تستور و نابل و القيروان لتنظيم رحلات غامرة و متنوعة حول المنتجات المحلية.

أمام تزايد اهتمام المستهلكين بالمنتجات المحلية، تراهن تونس بنسق متزايد على تثمين تراثها الزراعي والغذائي. حيث أن نكهة المنتجات المحلية و قيمتها الغذائية لم تعد في حاجة للإثبات. لكن الطموح اليوم هو الذهاب لأبعد من ذلك وتقديم تجارب غامرة تمكن الحرفاء المحليين و الأجانب من اكتشاف التراث المرتبط بالمنتجات المحلية التونسية باستخدام نهج يعتمد على حواس متعددة.

مشروع تعزيز نفاذ المنتجات المحلية

و في هذا السياق، يواصل مشروع تعزيز نفاذ المنتجات المحلية و الغذائية للأسواق الممول من قبل كتابة الدولة السويسرية للأقتصاد و الذي تشرف على تنفيذه منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، يواصل منذ بضع سنوات تقديم الدعم المتعاملين النشطاء بعدة مناطق تونسي لتنظيم رحلات غامرة حول المنتجات المحلية.

و خلال هذا العام تم بمدينة تستور المشتهرة بإنتاج الرمان إنشاء المسلك السياحي “رمانة تور بتستور” و ذلك بدعم من مشروع تعزيز نفاذ المنتجات المحلية و الغذائية للأسواق (Pampat). و يقدم طريق الرمان بتستور مسارا مختصا بهذه الفاكهة المميزة و يعرض على الزائرين تجارب الانغماس في التقاليد المحلية من خلال أنشطة تسلط الضوء على الرمان في جميع أشكاله. و يتكون هذا المسار من 9 أعضاء يقدمون تجارب غامرة فريدة من نوعها على غرار ورشات إعداد الحلويات المحلية باستعمال الرمان و التجول في بساتين الرمان وتذوق العصير الطازج و أشربة الرمان. و يتكون هذا المسار من مطاعم و مقاهي و محلات الآيس كريم م منتجين و محطة ترفيه و حرفية في مجال التطريز، كلهم متعاونون فيما بينهم لتعريف الزوار بالفاكهة المميزة لمنطقتهم و التي يولونها مكانة خاصة.

توضح السيدة أسماء الرويسي رئيسة مجمع التنمية “بيت المونة” بتستور أن “طريق الرمان بتستور لم يجتذب عددا متزابدا من الزوار فحسب، بل ساهم أيضا في تنشيط الاقتصاد المحلي. إن الورشات التي أقودها و التي ترتكز على إعداد طبق الرشتة الحلوة وهي معجنات محلية تعتمد على الرمان تقدم للزوار فرصة الإنغماس في تراثنا الأصيل في مجال الطهو و إثراء تجاربهم حول تقاليدنا الأصيلة قبل مغادرتهم.

تطوير نمط جديد من السياحة

و تراهن المؤسسات التونسي أكثر فأكثر على تثمين المنتجات المحلية ثمينا كليا و تسعى إلى تطوير نمط جديد من السياحة البديلة ترتكز على التراث الزراعي و الغذائي و تقدم تونس في صورتها الأصيلة و المميزة. من أجل تحقيق هذه الأهداف، اقامت سيع وزارات تونسية (الفلاحة، السياحة، الصناعة، الشؤون الثقافية، الاقتصاد، التجارة والبيئة) و أصحاب العمل في القطاع الخاص (إتحاد الفلاحين، اتحاد الصناعة و التجارة، كنفيدرالية المؤسسات المواطنة التونسية) و بدعم من مشروع (Pampat ) بوضع أول استراتيجية وطنية لتثمين و تطوير المنتجات االمحلية تحت علامة « Terroirs de nos région » .

ويجري اليوم تنفيذ هذه الاستراتيجية التي أطلقتها وزارة الفلاحة منذ سنة 2022 بكل من ولايتي نابل والقيروان. وقد تم بالتنسيق مع مختلف المتدخلين المعنيين انتقاء ثلاثة منتجات رئيسية بكل ولاية نموذجية، و هي: الورد و زيت الزيتون الوسلاتي و التين الشوكي بالقيروان و الهريسة و ماء زهر البرتقال و التين الشوكي ببوعرقوب بولاية نابل.

و يقدم مشروع Pampat الدعم بهاتين المنطقتين لما لا يقل عن 250 من المتعاملين الذين يسعون معا إلى تثمين هذه المنتجات المحلية الرئيسية الثلاث بجهاتهم. ومن بين هؤلاء المستفيدين نجد المزارعين والمنتجين و أصحاب الفنادق و النزل و دور الضيافة و المطاعم و موائد الضيافة و محلات الحلويات و محلات الآيس كريم و محلات الأطعمة المعلبة و وكالات الأسفار بالإضافة إلى الجمعيات الثقافية. و بفضل هذه الديناميكية، بدأ حوالي 40 مشتغلا في تقديم عرض سياحي غامر حول هذه المنتجات المحلية الثلاث.

ففي القيروان، يمكن للزائر اكتشاف نكهات الورد و زيت الزيتون الوسلاتي و ثمرة الهندي من خلال تذوق الوجبات و الأطباق التقليدية المعدة بكل عناية أو من خلال المشاركة في ورشات المتخصصة. كما ترحب دور الضيافة بزائريها بطقوس ترحيبية خاصة باستعمال ماء الورد، و تقدم المطاعم المحلية وجبات غداء تتميز باستعمال زيت الزيتون الوسلاتي مرفوقة بحصص تذوق. كما تقدم محلات الحلويات مرطبات شهية مزينة ببتلات الورد.

كما تغري روائح ماء زهر البرتقال ونكهات الهريسة الحارة زوار نابل الذين يحضون بطقوس ترحيبية مشبعة برائحة ماء زهر البرتقال الرقيقة. كما يمكنهم التعرف على الإنتاج الحرفي للهريسة و المشاركة في ورشات تقطير زهر البرتقال و اكتشاف تقنيات الأجداد و التقاليد المحلية ، كما يمكنهم المشاركة في ورشات صنع الشموع و الصابون باستعمال روائح هذه الزهرة الرمز المميزة.

و تقول السيدة هاجر لسود مديرة نيابوليست نابل “إن دمج إعداد الهريسة التقليدية و ورشات تقطير ماء زهر البرتقال ضمن عروضنا السياحية جعل من زيارة منزلنا فرصة حقيقية للإنغماس الثقافي. و يقدر زوارنا بشكل خاص فرصة المشاركة في هذه الأنشطة الأصيلة التي تمكنهم من إثراء تجاربهم. و يمكننا هذا التمشي من مزيد التعريف بتراثنا الطهوي مع تعزيز نشاطنا”.

من خلال زيارة تستور و القيروان و نابل، لا يكتشف السائحون المنتجات المحلية فحسب بل و ينغمسون في عالم من التقاليد و المعرفة، مما يترك بصمة دائمة لزياراتهم. باختصار، لقد أتاحت هذه االديناميكية إقامة روابط جديدة بين المنتجات المحلية و قطاع السياحة بما يوفر جملة من التجارب الغامرة التي تجلب المسافرين الباحثين عن الإكتشافات و الأصالة.

جلب فئة جديدة من السياح

تمثل مرافقة المشتغلين المحليين في مجال تثمين المنتجات المحلية الرائدة أحد مجالات الدعم التي يقدمها مشروع Pampat. إن إقامة مهرجانات جديدة بالقيروان و إثراء الفعاليات الثقافية بكل من نابل و تستور قد مكنت من زيادة تأثير العنصر الثقافي و مزيد ربطه بالقطاع السياحي. ففي القيروان، يزيد كل من مهران الورد و مهرجان التين الشوكي من إثراء تجارب الزوار من خلال زيارة المعارض و الشاركة في الورشات و مشاهدة العروض. و في نابل يكمل كل من مهرجان ماء زهر البرتقال و مهرجان الهريسة التجارب التي يقدمها المشتغلون المحليون، و ذلك عبر التجارب الغامرة و ورشات الطهو و حصص التذوق. أما تستور فتتميز بمهرجان الرمان الذي يوفر فرص المشاركة في عديد الأنشطة على غرار التجول أو التحليق فوق بساتين الرمان و ورشات تصنيع و تذوق مشتقات الرمان.

و قد أيقول السيد مراد علويني المندوب الجهوي للسياحة بالقيروان “لقد ساعد مهرجان الورد على خلق ديناميكية و جلب فئة جديدة من السياح الباحثين عن تجارب جديدة”.

كل هذه الديناميكية كان لها أثرعميق على المناطق المعنية ، حيث أن المنتجات المحلية، التي لم تسلط عليها الأضواء سابقا، أصبحت اليوم في قلب العرض السياحي لمزيد إثراءه و نسج روابط متينة بين المهارات المحلية و التجارب التي يعيشها الزوار. و بفضل هذا الزخم الجديد، تم انشاء علاقات تعاون حقيقي بين الفاعلين في قطاع السياحة و المنتجين المحليين، وهو ما يعطي ما يععطي نفسا جديدا داخل الجهات.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.