على عكس ما يتمّ تداوله عن وجود الانحراف والإجرام في حي هلال الواقع غرب العاصمة تونس إلا أن هذا أمر مخالف للحقيقة وظلم مجحف في حق سكانه. لا وجود في حيّ هلال لأيّ مجرم أو منحرف وإنما جميهم ضحايا لإجرام الإدارة وانحرافها.
جمال سكراني
تقع منطقة حي هلال على بعد حوالي 5 كم جنوبي العاصمة تونس وتبعد حوالي 2 كم عن قصر الحكومة وأقل من 5 كم عن قبّة البرلمان بباردو. وحيث قد تبدو هذه المسافة قريبة لمن لا يعرف المنطقة إلا أنّ لها خصائص جغرافية وبنية تحتيّة تجعل منها أحد أكثر الأحياء بعدا ومن سكانها اللذين يتجاوزون العشرة آلاف أكثرهم عزلة عن مواطن الشغل ومرافق الحياة.
دامت معاناة سكان حي هلال في التنقل من تلك الحفرة صعودا عبر أدراج بئر عنيبة أو القربصلي أو السيدة لعقود. فهذا الحيّ يفتقر إلى مواطن الشغل باستثناء الأنشطة التجارية الصغيرة، كما أنه يفتقر إلى مدرسة إعدادية رغم وجود ثلاث مدارس ابتدائية، إضافة إلى غياب تام للمرافق الترفيهية باستثناء المقاهي الشعبيّة أو سبخاء السيجومي جنوبا أين يدفن الأطفال والشبان وعيهم الذي يزعجهم تحت أنقاض المخدرات.
شباب “الكلونديستان”
وبعد محاولات الدولة الفاشلة في حل أزمة النقل وعلى رأسها خط الحافلة 69 الذي زاد المشاكل سوءا، تقدم أبناء الحيّ بحلّ يساهم في كسب الرزق من ناحية، ويساعد التلميذ على الوصول إلى المدرسة والعامل على الوصول إلى مقر عمله والمريض على الوصول إلى المستشفى دون الاضطرار إلى صعود ذلك الجبل سيرا على الأقدام. إنهم شباب “الكلونديستان” والذين يقلون أبناء وبنات حيهم من حي هلال إلى باب دزيرة مقابل دينار واحد للراكب.
إلّا أنّ نفس الإدارة التي تضع العقبات والعراقيل أمام رئيس الجمهوريّة تضع العقبات والعراقيل أيضا أمام أفراد شعبه، وذلك عبر قطع الطريق وفرض الإتاوة. حيث أنّ فرقة الأمن العمومي بمنطقة سيدي البشير تقطع الطريق على سواق “الكلونديستان” والذين قدّموا الحلول أمام فشل الدولة وتطالبهم بدفع إتاوة تتمثل في محضر كلّ شهر. ولكن الإدارة لا حدود لنهمها وشجعها وهاهي فرقة باب سويقة تدخل على الخط وتقطع الطريق وتطالب بنصيبها من الإتاوة.
ظلم مجحف في حق سكان حي شعبي
على عكس ما يتمّ تداوله عن وجود الانحراف والإجرام في حي هلال إلا أن هذا أمر مخالف للحقيقة وظلم مجحف في حق سكانه. لا وجود في حيّ هلال لأيّ مجرم أو منحرف وإنما جميهم ضحايا لإجرام الإدارة وانحرافها، فكيف بحق السماء يفتقر حيّ بذلك الاكتظاظ إلى مدرسة إعداديّة؟ وكيف سيتسلق مئات الأطفال يوميّا الجبل صعودا ونزولا إلى المدرسة الإعدادية بباب جديد؟ وكيف سيتمكن عشرات المرضى من تسلق الجبل صعودا نحو مستشفى الحبيب ثامر أو شارل نيكول أو باب سعدون؟ وكيف سيتمكن آلاف العاملين من الوصول إلى محطات الترابط للحافلات والميترو؟ كل هذا يحصل الآن بفضل الخدمة التي يقدمها سائقو “الكلونديستان” في حين تقطع عنهم الإدارة الشرعية الطريق وتفرض عليهم الآتاوات.
موظف بوزارة التربية.