في ذكرى طوفان الأقصى الأولى، هل يتكرر المشهد غدًا؟

السابع من أكتوبر المجيد ليس يومًا عاديًّا عند المسلمين بل هو عيدٌ، وبأي حال عُدت يا عيدُ، إنه عيدُ العزّة والكرامة والنصر والمجد والتمكين، إنه عيدٌ كسّر هيبة الصهاينة المجرمين الذين عاثوا في الأرض فسادا بغير حق طوال ثمانين سنة من الاحتلال والاستعمار والاحتقار والاستهزاء والتهجير والتعذيب والتنكيل بشعبٍ يدافع عن أرضه بل بأُمّة فقدت أغلى ما تملك عندما تراخت عن أداء واجبها المقدّس وهو بيت المقدس وتركت للصهاينة أن يعبثوا بأولى القبلتين وثالث الحرمين.


فوزي بن يونس بن حديد

إنه السابع من أكتوبر الذي غيّر مجرى التاريخ في الأمة، فلم يعد السادس من أكتوبر هو يوم الانتصارات كما يحتفل به المصريون، بل صار وأصبح السابع من أكتوبر هو الانتصار الحقيقيُّ بعد الأداء البطولي الذي أداه مقاتلو حركة حماس في ذلك اليوم المشهود الذي أرعب اليهود، ومزّق الأسطورة التي كانت تلازمهم طوال عقود وهي أنهم يملكون أقوى الجيوش، وحطّم صورة المحتل الغاصب الذي يفتخر بغطرسته وجبروته وكبريائه.

كان ذلك اليوم أشبه بالحُلم، فقد وافق سبتَهم الذي فيه يتخمّرون ويسكرون حدّ الثمالة، لم يكونوا يتوقعون، استسلموا للشهوة فجاءتهم البغتة، وحطّمت كل شهرة بل كل صورة يظهر من خلالها الصهيوني أنه قوي وهو يمسك بسلاحه، ظهر الأبطال فجأة في الجوّ والبرّ والبحر بحركات متناسقة وهادئة ودخلوا فجأة الحدود الإسرائيلية وأحدثوا بها دمارا ورعبًا في صفوف المحتلين الصهاينة، كانت المفاجأة ثقيلة على قلوب اليهود، وكانت المفاجأة سارة إلى حد بعيد في قلوب المؤمنين الذين باركوا هذه الخطوة واعتبروها حدثًا تاريخيًّا عظيمًا لم نشهد مثله منذ سنوات طوال.

النضال البطولي في وجه المستعمر الصهيوني

إن الذي حدث يوم السابع من أكتوبر 2023م سيذكره التاريخ حتمًا، وسيخلّده واقع تجربة النضال البطولي في وجه المستعمر الصهيوني، الذي ظن أن القوة دائما حليفه وأنه يستطيع أن يكتم أنفاس المستضعفين من الرجال والنساء والولدان.

اليوم نعيش ذكراه الأولى، وندخل عامه الثاني، غير نادمين على هذا العمل البطولي، ونأمل أن يتكرّر غدًا وبعد غد وكل يوم حتى يرحل الصهيوني من جميع الأراضي المحتلة، فماذا في جعبة الثائر يحيى السّنوار الذي أذهل الموساد والشاباك ورئيس الأركان وحتى رئيس الوزراء، وبات حديث الجميع في الداخل والخارج.

اليوم نعيش الذكرى المجيدة التي مرّغت أنوف المجرمين، وأبطلت مفاوضات الخائفين، ومسحت كل اتفاقيات المنافقين، وصحّحت مسار الثائرين، فهل سنشهد طوفانا جديدا مختلفا أم أن للمقاومة حسابات أخرى، وملحمة جديدة من الصراع المتواصل بين الحق والباطل.

وفي حين ينتظر العالم ما ستُقدم عليه إسرائيل بعد الضربات المؤلمة والقاضية التي تلقّتها من الجمهورية الإسلامية في إيران، وحزب الله في الشمال اللبناني، بات المارد الصهيوني كالكلب المسعور إن تحْملْ عليه يلهث وإن تتركْه يلهث، مضطربًا يعتمد على المساعدات الأمريكية والغربية وحتى العربية لاستمرار وجوده وإلا فهو زائل لا محالة.

لكل شيء نهاية، ونهاية الباطل قريبة لا محالة

ومن هذا المنطلق، فإن مخطّط المحتل فشل في إرساء خطّته العرجاء رغم الضربات القوية الموجّهة للمقاومة في لبنان، وبات أمام خيار صعب وهو المواجهة المباشرة، وتحطيم كل القيود والضوابط التي وضعتها الأمم المتحدة في أوقات الحرب، حتى بات الأمر أشبه باستعراض القوة والبطش والتنكيل دون اعتبار لأدنى مقومات الأخلاق والأعراف والمواثيق الدولية.

وعلى هذا، فإن ما شاهدناه في غزة ولبنان، يمزّق كل منظمة من المنظمات التي تأسست على احترام حقوق الإنسان، ويحطّم كل اتفاقية أو معاهدة قائمة على منح شعوب العالم الاستقلال والحرية والكرامة، فلم يعد للعالم قانون يحكمه، ولا ميثاق يُلتزم به.

هكذا سنقضي بقية حياتنا في عالم فوضوي، يسيطر فيه القوي على الضعيف، ويتحد فيه الأعداء على الحق، وتسود فيه الهمجية في أبشع صورها بمباركة من الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا من إدارة بايدن المتوحشة التي ساندت الوحوش في ارتكاب جرائمهم وهي التي سبق وأن تلقت ضربة من الداخل الأمريكي إبان رفض ترامب الخروج من البيت الأبيض في نهاية ولايته، وحادثة اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021م.

هذه الروح الطاغية التي يحملها المستعمر والتي تستعر في جوانبه، تدمر كل جميل في طريقها لتبقى متوحّشة وتظن نفسها هي الأقوى، لكن لكل شيء نهاية، ونهاية الباطل قريبة لا محالة ولا يمكن أن يطول أكثر مما طال، وتنتظر نتنياهو أيام سوداء وهو يختم حياته السياسية بعد جرائم غصّ بها تاريخه النضالي والسياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.