نجاح الدورة الثالثة للمتلقي الدولي للعلاج بالفن: الاكتئاب مرض العصر الذي تعالجه الفنون

اختتمت في مدينة المنستير فعاليات الدورة الثالثة من الملتقى الدولي للعلاج بالفن تحت عنوان “الاكتئاب والعلاج بالفن” بعد ثلاثة أيام من الجلسات العلمية والورشات التفاعلية والفقرات الموسيقية والسينمائية ومعرض الفنون التشكيلية والتي انتظمت أيام 11، 12 و13 أكتوبر 2024.

وأسدل الستار على الدورة التي حققت نجاحا كبيرا على المستوى العلمي والثقافي انطلاقا من عنوانها مرورا بنوعية المشاركات التونسية والعربية والدولية وصولا إلى الورشات وتنوعها وجودتها.
شهد الملتقى تقديم عدد هام من المداخلات العلمية التي شملت جوانب من مساهمة الفن في علاج عديد الأمراض، وخلص المتدخلون إلى أن أغلب الدراسات والبحوث أكدت نجاعة ممارسة الفنون بأنواعها في كثير من الحالات المرضية.
وتحدثت الدكتورة ريم بن عثمان، المتخصصة في التغذية، عن علاقة الاكتئاب بالتغذيةـ وبينت أن نوعية الأكل يمكنها أن تساهم في إنتاج حالات اكتئاب، كما أن الاكتئاب يمكنه أن يؤثر على طريقة الأكل ما يسبب أمراضا أخرى، وبمعالجة طريق الأكل ونوعيته يمكن معالجة الاكتئاب.
المنظمة العالمية للصحة تأكد إلي الفن وسيلة ناجعة جدا في علاج الاكتئاب، وكما أنه يمكّن من تقليص مدة إقامة المرضى في المصحات الخاصة بالأمراض النفسية، يمكن اعتمادها في تونس بالإمكانيات المتاحة.
فيما تحدثت الدكتورة أنديرا راضي أستاذة الفنون الدرامية في جامعة قرطاج عن الاكتئاب بما هو “مرض العصر وهو من أكثر الأمراض النفسية انتشارا في العالم المعاصر، وينتشر عند الإناث أكثر من الذكور، وقد زاد انتشاره حديثا بالمقارنة مع الحقب الزمنية الماضية بمعدلات ليست بالهيّنة، يبدو أن “الرقمنة” وما تفرضه على الإنسان من قلة التواصل وتراجع العلاقات الاجتماعية وانغماسه في العالمية من أهم الأشياء المتسببة فيه. كما يعتبر الاكتئاب عبء على الدول بما نتج عنه من غيابات مستمرة في سوق الشغل، واستهلاك كبير للعقاقير الطيبة المخففة له”.
وفيما يتعلق بالوساطة العلاجية بالدراما، قالت راضي “في الدراما العلاجية يمكن الحصول على لحظات فارقة تسهم في الاستقرار النفسي، يتناغم فيها الواقع النفسي مع المشهد المسرحي، يتجلى خلالها الوضع النفسي مع الموقف المسرحي والمشهد النفسي يجب أن يُقرأ على عناته، وفي الوساطة بالدراما يمكن أن يدعو المعالج المريض لاعتماد القوى الحيوية في المشهد النفسي ليضفي جمالية على المشهد المسرحي. فيلتقي بذلك البعد النفسي مع البعد الاجتماعي والثقافي. بهذا المعني يصبح العلاج من خلال الوساطة بالدراما فيه تناغم بين جماليّة المشهد واضطراب الذات”.
وتؤكد أنّ “في الوساطة العلاجيّة لا يكون الأداء المقدم ممارسة فنية بل هو تمثّلٌ للذات وتناغم جمالي للمشهد المسرحي وتحفيز نفسي للفرد”، حيث “توجه تقنيات اللعب في الوساطة بالدراما نحو استكشاف الحركية والحسية والجسدية. تؤدي تقنيات اللعب في الوساطة بالدراما إلى استحضار تجارب جسدية عبر تجسيدات هلوسية مجنونة”.
وخلصت الدكتورة أنديرا راضي إلى أنّ “الوساطة بالدراما أداة علاجيّة تعبّر عن الذات، عبر مساعدة المريض لفهم تأصله في الواقع الخارجي ضمن وجود الآخرين. تسعى الوساطة بالدراما كمبادرة أولى نحو الاهتمام بالحالات التي تعاني الانطواء أو اضطرابات سلوكية كبيرة، وهي قادرة على جعلها تتغلب على وضعية المرض التي تقاومه بشدة”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.