إن الإعلان عن نشر كتاب “مجزرة في القرن الحادي والعشرين. إسرائيل، 7 أكتوبر 2023” تحت رعاية مجلة “لوبوان” اليمينية الفرنسية يشكل مثالاً واضحاً على المراجعة التاريخية الهادفة إلى التلاعب بالرأي العام وترسيخ رؤية مشوهة لواقع الصراع العربي الإسرائيلي. (حلقة جديدة من مسلسل السقوط المدوي للكاتب الجزائري كمال داود).
جمال قتالة
هذا العمل الذي يراد له أن يكون توسيقيا لا يقتصر على كونه متحيزًا، بل يخون أيضًا النزاهة الفكرية بمحاولته تقليل أو محو معاناة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ عقود.
لغة تلاعبية تخدم الدعاية
استخدام مصطلح “مجزرة” لوصف الهجوم في 7 أكتوبر 2023 ليس أقل من تلاعب فظ. هذا المصطلح، الذي يحمل دلالات عاطفية ثقيلة، يُستخدم لإثارة الاستياء وتحفيز تعاطف غير موجه بشكل صحيح، بينما يتم صرف الانتباه عن الأسباب الحقيقية وعواقب هذا الصراع. فيتم تقليص الواقع، الذي هو أكثر تعقيدًا، إلى كاريكاتير يعيد تأكيد موقف الضحية الأبدي الذي تتذرع به لإسرائيل، مع التعتيم بسخرية على جرائم الحرب والعنف التي يقترفها هذا الكيان الإحتلالي الظالم و التي يذهب ضحيتها منذ 1948 أجيال متلاحقة من الفلسطينيين.
إنكار قاسٍ للجرائم الإسرائيلية
هذا الكتاب يتواطأ في صمت لا يُحتمل. الإغفال المتعمد للقصف الوحشي على غزة واغتيال المدنيين الأبرياء لا يمكن اعتباره سوى محاولة بائسة و حقيرة لإخفاء الحقيقة. هذه الأفعال تندرج تحت يافطة الإرهاب الحكومي، والصمت عن هذه الجرائم يعادل تبريرها. الكُتّاب في هذا العمل، من خلال تحيزهم اللاإنساني، يصبحون شركاء في القمع والمجزرة المنهجية التي تستمر على مرأى و مسمع العالم.
خاتمة كمال داود أو الدفاع المخادع عن التبسيط الفكري
الكاتب الجزائري كمال داود، في خاتمة يتظاهر فيها بالبراعة، لا يفعل في الواقع سوى سكب الزيت على النار. تحليله المختزل، الذي يقارن حركة حماس بالجماعات المتطرفة الجزائرية دون أخذ الجذور العميقة للاحتلال بعين الاعتبار، يدل على كسل فكري مقلق و محاولة بائسة و خسيسة للتقرب من اليمين الفرنسي الذي يرعاه و يهلل لكتاباته المعادية للعرب و المسلمين. هذا التبسيط الفظ يُضفي شرعية غير مباشرة على الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل ويمنع أي تفكير حقيقي حول آليات القمع الموجهة ضد الشعب القلسطيني المقهور فوق أرضه. بدلًا من تعزيز السلام، تُغذي هذه الخاتمة التبريرات الأيديولوجية للجرائم الإسرائيلية.
عمل تحريضي يثير الكراهية والانقسامات
في سياق دولي مثقل بالتوترات والعنف، لا يفعل هذا الكتاب سوى تعميق الجروح. بعيدًا عن السعي لتعزيز الفهم أو الحوار، فإنه يشعل العواطف ويعزز الانقسامات من خلال نهج ثنائي الأبعاد، يصور “الجيدين” مقابل “الأشرار”. هذا الخطاب التبسيطي خطير؛ فهو يثير الكراهية ويغذي دورة لا تنتهي من العنف.
كتاب دعائي خطير ومخزٍ
“مجزرة في القرن الحادي والعشرين” ليس أكثر من محاولة مخزية للتلاعب بالتاريخ، تزوير الحقائق وتبييض جرائم الاحتلال الإسرائيلي. يجب على كل من يريد حقًا أن يفهم تعقيد هذا الصراع أن يدين هذه المهزلة على حقيقتها: أداة دعائية متنكرة في شكل تحليل تاريخي.
شارك رأيك