بليبيـا، بشأن ماجاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الداخلية ” المكلف ” يوم أمس الأربعاء”
تابعت المُؤسسَّةِ الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان بليبيـا، ببالغ الإستياء والأسف الشديدين ماجاء في تصريحات وزير الداخلية ” المُكلّف ” بحكومة الوحدة الوطنية المؤقّتة، ” عماد الطرابلسي ” ، وما تخلّل تِلك التصريحات لما رأت المؤسّسة أنّه يحتوي على مُغالطات ومُخالفات وتعطيلٍ للقانون في بعض الأحوال، وما قد يُعتبر إساءةً للمُجتمع الليبي عمومًا.
حيثُ أنّ السيد وزير الداخلية تحدّث بصورةٍ لا نرى أنّها مُنضبطة، ولا تليق بمؤسّسة عريقة كوزارة الداخلية الّتي وُكِلَ إليها حِفظ الأمن في المُجتمع بما يتوافق وصحيح القانون، حيثُ أنّ السّيد وزير الداخلية تحدّث عن حُزمةٍ من الإجراءات الّتي يعتزم القيام بها في المدّة القادمة، والّتي قد تُعتبر اجراءاتٍ تعسّفية ولا تستند لصحيح القانون، ومنها حديثه عن (القبض والتلبّس والإثبات) في جرائم المُخدّرات، الّتي نعلم جيّدًا خطورتها وتأثيرها على المجتمع، ونعلم جيّدًا الدور المبذول من النيابة العامة والأجهزة المُختصّة في الحدّ من اتّساعها، إلّا أنّ تلويح السّيد الوزير صراحةً بأنّه لن يلتزم بالإجراءات المنصوص عليها في القانون، وأنّه حتى في حالة انعدام النصّ القانوني الّذي يُعطي المشروعية بالقبض على المُشتبه فيهم أو استمرار حبسهم، فإنّ السّيد الوزير يرى ضرورة حبسهم (تعسّفيًّا) وخارج نطاق القانون، وقد بلغ به الأمر إلى الطلب من أعضاء النيابة العامّة أن يستمروا في (الحبس التعسّفي) حتّى في حالة انعدام النصّ القانوني، وهذا القول يضرب الحقوق الواردة في الإعلان الدستوري عرض الحائط، حيث نصّت المادة 31 من الإعلان الدستوري على أنّه: (لا جريمة ولا عقوبة إلّا بنص)، كما أنّ هذا التصرف يُعدّ من قبيل تعطيل القانون وتنفيذه والّذي يُعاقب مُرتكبه بالحبس والعزل من الوظيفة، وفق المادة 234 من قانون العقوبات الليبي، كما أنّ هذا التصريح يتّسم بالخطورة كونه صادرٌ عن وزير الداخلية أي باسم الدولة مما يوحي بإمكانية أن تُترجم هذه الأقوال إلى أفعال تتّسم بالمنهجية والاتّساع، لتصبح جرائم ضد الإنسانية وفقًا للمعايير الدولية.
كما أنّ السّيد وزير الداخلية تناول مواضيع في غاية الحساسية والأهمية، وقد تُسيء إلى المُجتمع الليبي في الداخل بنشره أنّ من بين كُلّ 100 شاب ليبي من مواليد عام 2000 وما بعده، هناك 90 شاب يتعاطون الحبوب المُخدّرة، الأمر الّذي ترى معه المؤسسة ضرورة تدخل النائب العام للتحقيق في هذه المعلومات والتأكّد من صحّتها، وقد تناول السيد الوزير أيضًا مسألة (القبض) و(الضبط)، وهي مسائل تناولها المُشرّع الليبي عبر النصّ على تسميتها صراحةً، وقد أثار حفيظتنا استخدام السيد الوزير لمصطلح قد لا يليق بصفته ولا الجهة الّتي يُمثّلها عندما صرّح بأنّه (سَيَقُبْ) رواد المقاهي من غير العائلات، وهذا أمر غاية في الخطورة أيضًا، فالتشريعات النافذة نصّت صراحةً على الأفعال والسلوكات الّتي تُعتبر مُجرّمةً في الأماكن العامّة كالأفعال الفاخشة وغيرها، الأمر الّذي يُعدّ انتهاكًا للحقوق والحرّيات، إذْ أنّ الأصل في الأفعال الإباحة إلّا بنص، كما تعتبر المُوسّسة أنّ هذه التصرّفات تدخّلًا في اختصاصات السُلطة التشريعية الّتي وُكِلَ إليها تجربم الأفعال بما لا يتعارض والتزاماتها الدولية وفق الإعلان الدستوري المؤقت.
إذ إن الوزير لا يتمتع بصفة شرعية تخوله بإتخاذ هذه الخطوة، فطبقاً لقرار مجلس الوزراء رقم 145 لسنة 2013م بشأن إعتماد الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية الذي حددت بموجبه مهام الوزارة والوزير من أهمها السهر على تنفيذ التشريعات والقوانين لتحقيق الأمن العام لا مخالفتها، وللأسف فقد لاحضنا من خلال تصريحات الوزير ” المُكلف ” أنه قد أنحرف عن مهامه في حفظ الأمن مخالفاً في ذلك التشريعات النافذة ضارباً بعرض الحائط التشريعات والقوانين النافذة، والاتفاقيات المصادقة عليها ليبيا.
وإذ تُعبّر المُؤسسَّةِ، عن رفضها للإنجرار خلف أي مخطط يرمي إلى توفير الغطاء لإنتهاكات حقوق الإنسان والمواطنة والحريات العامة المكفولة في الإعلان الدستوري لسنة 2011م وتعديلاته والتشريعات والقوانين النافذة، تحت أي مسمى أو ذريعة كانت.
- وتصرّح الوزير وهو في منصب مسؤول بأنه سينتهك الحرية الشخصية وحرية الرأي، ملوحًا بالمهاجرة لـ #أوروبا لمن لا يعجبه ذلك ، وكأنه مالك لليبيا، وإقراره بحدوث مخالفات وانتهاكات جراء سلوك وتصرفات شرطة #الآداب، وردّه بجملة “الله غالب” يُعتبر ضوءًا أخضر للسماح لهم بإستغلال سُلطاتهم، دون واعز أو عقاب أو أسلس قانوني لذلك.
وكذلك التلويح بإلقاء القبض على المواطنين والمواطنات لمجرد العمل في محال التجميل، والحلاقة، أومقاهي الأركيلة أو في أي حرفة لا يمنعها القانون، هو بحد ذاته مخالف للأعراف والدين والسنة التي تحدث عنها وزير الداخلية المُكلف، وهي نشاطات تجارية مسموح بها قانوناً وينظمها القانون التجاري وتخضع لاشراف وزارة الاقتصاد والتجارة وجهاز الحرس البلدي في تنظيم هذه النشاطات التجارية.
وحيثُ أن هذه المُمارسّات المشينة تُسّهم في تقويض سيادة القانون والعدالة، وانتهاك حقوق الإنسان والمواطنة، مما يستوجب وقّفها وضمان محاسبة المسؤولين عنها.
وإذ نستغرب هذا الموقف الذي يُشكل إنتهاكاً فاضحاً وصارخ في للحقوق المدنية وحقوق المواطنة للمواطنين الليبي، وتعميماً غير مبرّر لحالات يفترض أن لا يقاس عليها و لايتوسع فيها.
البقية في الرابط التالي :
شارك رأيك