مؤتمر ريادة الأعمال النسائية كمحرك للاقتصاد الأخضر في تونس

انتظم أمس الخميس 21 نوفمبر 2024 بتونس العاصمة مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية باعتبارها محركًا لاقتصاد أخضر وشامل في البلاد التونسية. وقد شكل هذا الفضاء فرصة لتسليط الضوء على الدور الرئيسي الذي تلعبه النساء رائدات الأعمال في تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية القادرة على التكيف مع التغيرات المناخية.  

على الرغم من أن النساء يمثلن نصف السكان في تونس، في سن العمل، إلا أن 27.9% فقط منهن ناشطات اقتصاديًا، كما أن نسبة البطالة بينهن (21.3%) تفوق بشكل كبير نسبة البطالة بين الرجال (13.6%). وغالبًا ما يشغلن وظائف هشة، مما يجعلهن أكثر عرضة للأزمات الاقتصادية والمناخية. علاوة على ذلك، تؤثر التغيرات المناخية على الاقتصاد بنسبة 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما بلغت نسبة الاعتماد على واردات الطاقة 50%. وبالتالي، فإن الانتقال نحو اقتصاد أخضر وشامل يعد أولوية.

تواجه البلاد تحديات مناخية متزايدة تتمثل في فترات جفاف طويلة، وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة مصحوب بانخفاض كبير في كميات الأمطار، بالإضافة إلى تفاقم ظاهرة التصحر. وتنعكس هذه التغيرات المناخية سلبًا على الاقتصاد الوطني، مع تأثر قطاع الزراعة بشكل خاص، وهو القطاع الذي تمثل فيه النساء حوالي 70% من القوة العاملة.  

باعتبارهن الأكثر تواجدًا في هذا القطاع، تواجه النساء التونسيات التداعيات المباشرة للتغير المناخي، لا سيما في ظل هشاشة أوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية التي تعيق تمكينهن من الوصول إلى فرص اقتصادية بديلة.  

وقد أقرت تونس بالترابط الوثيق بين المناخ والنوع الاجتماعي، كما ورد في مساهمتها المحددة وطنيًا، التي تُعد بمثابة خارطة طريق لمواجهة التحديات المناخية. تضع هذه المساهمة في صلب تدابير التكيف والتخفيف خلق فرص عمل للجميع، مع التأكيد على عدم ترك أي فرد خلف الركب. وتشير التقديرات إلى أن الانتقال الطاقي سيؤدي إلى خلق حوالي 12,000 وظيفة بحلول عام 2030.  

ومن هذا المنطلق، يمثل الانتقال نحو اقتصاد أخضر وشامل، كما ورد في رؤية تونس 2035، أولوية قصوى ليس فقط لتجنب تفاقم الفوارق الاجتماعية، بل أيضًا للمساهمة في إنعاش الاقتصاد التونسي.

وفي هذا السياق، أكدت السيدة سيلين مويرود، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: «يلتزم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدعم تونس لتحقيق انتقال بيئي شامل ومستدام، حيث يشكل التمكين الاقتصادي للمرأة أولوية، لا سيما في مواجهة الأزمات المناخية التي تؤثر بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر ضعفًا. نحن فخورون بدعم ريادة الأعمال النسائية من خلال الاقتصاد الأخضر كرافعة لتعزيز تكيف المجتمعات مع التغيرات المناخية وتقليص الفوارق الاجتماعية».

تُجسّد مبادرة “الاقتصاد الأخضر والتمكين الاقتصادي للمرأة في تونس”، التي يأتي هذا المؤتمر في إطارها، هذا الالتزام. تستهدف هذه المبادرة ولايات قابس، قفصة، القيروان، قبلي، مدنين، تطاوين وتوزر، حيث يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تعزيز الاقتصاد الأخضر وفي نفس الوقت على التمكين الاقتصادي للنساء.  

يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على المستويين المؤسساتي والمجتمعي، سواء على الصعيد المركزي أو المحلي، من خلال اعتماد نهج تكاملي يدعم نماذج اقتصادية واستراتيجيات متوافقة مع اتفاقيات باريس وأولويات الحكومة التونسية. تهدف هذه المبادرات إلى تحقيق نمو مستدام وشامل، يمكّن النساء في المناطق المستهدفة من تحقيق إمكاناتهن الاقتصادية الكاملة، مع تعزيز صمودهن أمام الصدمات والتحديات المناخية.

من خلال هذه المبادرة، تؤكد كندا من جديد التزامها بدعم حقوق النساء وتمويل المبادرات التي تسعى إلى تعزيز ريادة الأعمال النسائية المستدامة في تونس، مما يعكس تعاونًا ثنائيًا مثمرًا بين البلدين. 
 
وفي هذا الصدد، صرحت سعادة السفيرة لورين ديغير، سفيرة كندا في تونس: «إن النمو الشامل والمساواة بين الجنسين هما جوهر سياسة كندا النسوية للمساعدات الدولية. ومن خلال هذه المبادرة، يمكن لكندا أن تدعم عددًا أكبر من النساء رائدات الأعمال في المجال البيئي، مع تعزيز تكيفهن مع التغيرات المناخية ودعم تطوير أنشطتهن في إطار الاقتصاد الأخضر». 
 
أما السيد لطفي فرادي رئيس ديوان وزارة الاقتصاد والتخطيط، فقد أكد خلال مداخلته: «أن تطوير ريادة الأعمال النسائية في إطار الاقتصاد الأخضر يندرج بشكل كامل ضمن أولويات سياساتنا العامة. ويُعد هذا المجال رافعة استراتيجية لتونس لتحقيق الانتقال نحو نموذج اقتصادي شامل ومستدام يُلبي التحديات البيئية والاجتماعي».

في هذا الإطار، شهد المؤتمر إطلاق برنامج المرافقة خضّرها 2.0 التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي سيدعم 350 امرأة من صاحبات المشاريع الصغيرة ضمن سلاسل القيم الخضراء لبعث، تطوير أو تحويل وتنويع مشاريعهن.

وقد جمع هذا المؤتمر متعدد القطاعات بين الفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين ومنظمات المجتمع المدني لمناقشة قضايا ريادة الأعمال النسائية وآليات التمويل من أجل اقتصاد أخضر وأكثر قدرة على الصمود والتكيف مع التغيرات المناخية.

المؤتمر من تنظيم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالشراكة مع وزارة الاقتصاد والتخطيط وبدعم من سفارة كندا.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.