كيف يمكن أن نبقى غير مبالين بمأساة بهذا الحجم، في وقت يعبر فيه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، المعروف عادة بتوازنه في التصريحات، عن استنكار نادر ومؤثر؟ جاءت كلماته كصرخة إنذار خلال مؤتمر في مصر: «كارثة غزة ليست سوى انهيار كامل لإنسانيتنا المشتركة (…) لا يمكننا أن نستمر في غضّ الطرف. حان وقت التحرك».
خميس الغربي
التشخيص الذي قدّمه غوتيريش صادم: غزة أصبحت الآن المكان الذي يضم أكبر عدد من الأطفال المبتورين لكل فرد في العالم. أطفال مشوهون، يخضعون لعمليات جراحية دون تخدير، أجساد محطّمة تعيش في ألم لا يوصف. بل إنه ذهب أبعد من ذلك بتأكيده أن ما نشهده «قد يكون أحد أخطر الجرائم الدولية».
هذه الكلمات، التي تأتي من رئيس أعلى هيئة دولية، يجب أن تكون كافية لإيقاظ الضمائر. ومع ذلك، يواصل جزء من العالم غضّ الطرف، مشلولًا باللامبالاة أو الحسابات السياسية.
مسؤولية جماعية أمام الانهيار الأخلاقي
هذه الصرخة لا يمكن أن تُتجاهل بعد الآن. الأمر لم يعد مجرد صراع إقليمي أو أزمة إنسانية، بل يتعلق بجوهر إنسانيتنا المشتركة الذي يترنّح. عندما يعاني الأطفال من بتر أعضائهم دون تخدير، وعندما تُمحى عائلات بأكملها تحت الأنقاض، فإن كرامتنا نحن أيضًا تصبح على المحك.
يجب على القادة، والإعلام، والمواطنين حول العالم أن يخرجوا من حالة الخمول. ستديننا كتب التاريخ بشدة إذا التزمنا الصمت، لأنه لا يوجد حياد أمام مثل هذه الفظائع: الصمت هنا يعادل تواطؤًا ضمنيًا.
أنطونيو غوتيريش يذكرنا بأن الوقت لم يعد يسمح بالمشاهدة السلبية. حان الوقت للاعتراف بحجم الجريمة والعمل. ليس من أجل مصالح جيوسياسية، بل من أجل الحفاظ على ما تبقى من إنسانيتنا المشتركة.
السؤال المطروح الآن: إلى متى سنستمر في هذه اللامبالاة؟ كم من الأطفال يجب أن يُضحى بهم قبل أن نجد أخيرًا الشجاعة لنقول كفى؟
شارك رأيك