هؤلاء الحربائيون الذين خرجوا للعلن بعد رحيل بشار الأسد

لاحظ المتابعون للشأن السوري و خاصة بعد الهروب المفاجئ للرئيس السوري بشار الأسد و عائلته كيف سارع بعض السياسيين و الفنانين و المسؤولين إلى تغيير مواقفهم 360 درجة معلنين لوسائل الإعلام و دون أية حمرة خجل بأنهم لم يكونوا يوما مع النظام السوري و أن علاقتهم بالرئيس السوري المخلوع طيلة سنوات حلّهم و ترحالهم إلى دمشق قد كانت مجرد علاقة إذعان و خوف، هكذا بكل بساطة و بكل قبح أخلاقهم و انعدام شهامتهم.

أحمد الحباسي

لقد لاحظنا على سبيل المثال كيف سارع وئام وهاب بكل خبث إلى التصويب على قيادة حزب الله متهما إياها بسوء التقدير و التدبير ثم انتقل إلى التصويب على الرئيس السوري و على كل القيادات التي كان يحل ضيفا مبجلا عليها طيلة سنوات حكم الرئيس بشار الأسد.

الذين يعرفون وئام وهاب يصفونه بالسياسي الانتهازي المتقلب الذي لا يتأفف من وضع فمه في كل الصحون و لا يهتم بما يقال عنه من كلام  يمس كرامته التي أهدرها طيلة مسيرته السياسية المليئة بالتقلبات المزاجية.

من المروءة عند العرب أن لا ينقلب الشخص على مواقفه و بالذات إذا كان من ممارسي السياسة لأن الانقلاب على المواقف بقدر ما هو خسّة و نذالة بقدر ما هو  موقف غير محمود لأنه يؤكد وقوع السياسي في الخطأ في التقدير و في فهم الواقع و حسن التعامل مع الغير و مع المواقف و الأحداث.

فى السياسة ليست هناك خطوط رمادية و السياسي المحترم و الناجح يقف موقفا معتدلا يمكن تقويمه عند الاقتضاء و لا يقف موقفا مع شخص أو نظام إلا عن قناعة و في صورة ثبوت خطأ موقف فانه لا ينقلب على ذلك الموقف بل يعتذر أو يستقيل حتى يحافظ على كرامته.

سياسة اللعب على كل الحبال

المشكلة عند وئام وهاب أنه يمارس سياسة المتقلبين الحربائيين دون أن يهتم بما يقال عنه بل لعله يفتخر اليوم بكونه من السياسيين القادرين على اللعب على كل الحبال تماما مثله مثل وليد جنبلاط و شارل أيوب الخ… من هلافيت السياسة و الإعلام في لبنان و في عدة دول عربية خليجية بالأساس.

كل من يستمع إلى وئام وهاب يصدق أنه كان من الثوار السوريين و أنه اضطر فقط إلى كتم “إيمانه” بالثورة السورية التي جسدتها تلك المجاميع من القتلة الإرهابيين الذين بسطوا نفوذ أولياء نعمتهم على سوريا مستعملين يافطة ملوثة بالدم أطلقوا عليها تسمية أحمد الشرع.

فى عرف وئام وهاب و أدبياته و سرّه  فإنه لا مكان للمبادئ أو الأخلاق أو القناعات الثابتة بل هناك مكان فقط و لا غير لمصلحته الشخصية الضيقة كأحد رموز الإقطاع في لبنان الذين يبحثون عن الوجاهة المستمرة التي تتيح له فرصة استثمار مواقفه المتزلفة لجمع المال بكل الوسائل المثيرة للتساؤل و الانتباه.

هذا الشخص الذي انقلب على الرئيس السوري الهارب لا يحمل أية مواقف محترمة لأن سقوط بشار الأسد و لئن كان حدثا صعبا مسّ مشاعر الملايين العرب نظرا لعامل المفاجأة و لكونهم قد أودعوا ثقتهم فيه طيلة سنوات كقائد رافض للعلاقة مع إسرائيل – في الظاهر على الأقل لأنه لم يقاوم إسرائيل في يوم من الأيام حتى لما اعتدت علي بلاده – أو قبول مغريات العروض الأمريكية السخيّة للبقاء بالسلطة مقابل بعض المواقف أو التنازلات التي رفضها بإباء كبير فإن ذلك لا يسمح بأي حال من الأحوال إلى الانقلاب بالصورة القبيحة الفجّة التي يقوم بها وئام وهاب بمنتهى الوقاحة مثيرا لدى خصومه قبل ما تبقى له من أصدقاء قلائل عاصفة كبرى من الاستهزاء و السخرية لأنه تعرّى عن كل  ثياب الشهامة رافضا تحمل مسؤولية مواقفه السابقة. لذلك ليس مفاجأة أن يصفه السياسي العراقي المعروف الدكتور على محسن التميمي بكونه متقلب الودّ الذي لا يفقه في السياسة إلا الكذب و التجاوز و البلطجة و الذي يعيش على أموال السحت و الحرام.

دعاة التطبيع السريع مع الكيان الصهيوني

لعله من المنطقي أن تأتى تصريحات وئام وهاب الأخيرة التي تطالب لبنان و العرب عموما بالتطبيع السريع مع الكيان الصهيوني معتبرا أنه لا مجال للحديث عن تحرير فلسطين و أنه جاء الوقت للمؤمنين بالقضية الفلسطينية أن يستفيقوا من أحلامهم و ينحنوا انحناء الذل لمرور مشروع تفتيت المنطقة العربية لتصبح إسرائيل الكيان السيّد الوحيد فى المنطقة و بقية الدول العربية المقسمة مجرد شواهد على العصر.

وئام وهاب ليس مجرد سياسي متزلف بل هو عنوان هذه المرحلة التي تداعى فيها كلاب النظام العالمي الجديد لضرب كل مقومات الرفض و المواجهة  لدى أحرار هذه الأمة و عليه فإنه ليس غريبا أن يقوم بدور الغراب الناعق محاولا الإيحاء بأن الأحرار قد  فقدوا و أنه لا أمل و لا عاصم لهذه الأمة من طوفان النار الصهيونية إلا الانبطاح و رفع الراية البيضاء أمام كل الأعداء الذين تجمعوا كالغربان أمام الجثة العربية التي تصارع الأنفاس.

لنقلها عالية و بمنتهى الوضوح، لن تسقط الأمة الرافضة لمشاريع التقسيم و كما أنجبت هذه الأمة من دافعوا و سقطوا شهداء في كل المعارك فإنها ستنجب حتما من يواصل رفع الراية و سيخرج وئام وهاب و من لف لفه من التاريخ تحت اللعنات كما خرج الكثيرون من العملاء و الخونة و الحربائيين.

كاتب و ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.