زيارة روبيو الأخيرة إلى إسرائيل، هل تخفي حربًا أخرى على حماس؟

زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الأخيرة إلى إسرائيل تُشبه إلى حدٍّ كبير زيارة وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن قبل الحرب، فكلما جاء وزير خارجية أمريكي إثر توتّر قائم بين إسرائيل وحماس تعقبه حرب شرسة على غزة، وما يدعم هذا الاتجاه إفراج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن شُحنات الأسلحة الثقيلة إسرائيل التي كان الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن قد جمّدها إلى حين، مما يعني أن الحرب على غزة من جديد باتت وشيكة وآتية لا محالة حيث يستعد الطرفان الإسرائيلي والأمريكي إلى بدئها فور خروج الرهائن من غزة والإفراج عنهم سواء بصفقة أو بغيرها.

فوزي بن يونس بن حديد

هذا ما عنى به نتنياهو في تصريحاته من أن هناك استراتيجية جديدة في الشرق الأوسط بالاتفاق مع ترامب، إنهم يريدون القضاء نهائيا على حركة حماس في غزة وتهجير سكان القطاع لتأمين الحدود الشمالية لإسرائيل بصفة نهائية وحتى لا تكون حماس مقلقة لإسرائيل كل مرة.

وقد جاءت التقارير توضح أن الإدارة الأمريكية جادة فعلا لإنهاء حكم حماس في غزة بعد الإفراج على الرهائن، وهذا ما يفسره الحراك الدبلوماسي الأمريكي، وإن أبدت أمريكا ظاهريًّا دعمها للمفاوضات في المرحلة الثانية لكن الأجواء تبدو متوتّرة جدّا حول من يحكم غزة بعد إنهاء الحرب الضروس، وهذه الشحنات الثقيلة التي وصلت إسرائيل أخيرا هي شحنات تحمل قنابل ثقيلة وحديثة، قادرة في ثوانٍ على تدمير الموقع المستهدف كله في لحظات، مع تدمير المباني المجاورة، واختراق الأرض إلى مستوى عميق جدا، وهذا يبين نية إسرائيل المبيّتة لقلع حماس من جذورها، بمباركة أمريكية، وضوء أخضر منها.

إخراج حماس من غزة وتهجير السكان من القطاع

وعلى هذا جاءت التصريحات الأمريكية على لسان رئيسها ووزير خارجيتها، وغيرهما من المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين الذين يرددون العبارات نفسها في كل مرة، تهديدًا ووعيدًا من أن المنطقة ستشهد حتمًا تغييرًا في جغرافيتها وديموغرافيتها وتركيبتها السّكانية والعمرانية، حتى يخلو المكان للمستوطنين الإسرائيليين، ويخلو الجو السياسي لنتنياهو أن يبقى على رأس الحكومة لأطول فترة ممكنة ويخرج من السقوط السياسي المدوّي إن حدث قبل إكمال عملية الإفراج، ومن هنا يتبين لنا الاستعجال الإسرائيلي والتأنّي الأمريكي اللذان يؤدّيان في حقيقة الأمر إلى نتيجة واحدة، وهي خروج حماس من غزة وتهجير السكان من القطاع، واستيطانهم في دول عربية متعددة، وتحقيق التطبيع مع المملكة العربية السعودية العقبة الكبرى أمام هذا المشروع في نظر الصهيوني الأمريكي، وإذا حدث هذا دون أن يتحرك العرب في وقفة صارمة وحاسمة وجازمة فإن الاستعمار الامبريالي الجديد يكون قد تحقّق في نظر هذه الزمرة المتطرّفة.

وتبقى القمة العربية المقبلة في مصر، الفيصل في هذه الأحداث الدراماتيكية، فإذا استطاعت خرق الخطة الأمريكية الإسرائيلية وإصابتها في مقتل عبر قرارات عملية فورية توقف مهاترات ترامب وجنونه، وتهور نتنياهو ومغامراته، أدرك الغرب أن العرب لهم قوّة ومَنَعة، وإذا أظهروا ضعفهم كما في كل مرّة وأصدروا بيانات هزيلة فإن المنطقة مقبلة على خطر عظيم داهم لا حدود له، وعلى العرب جميعا أن يتحمّلوا عواقبه الوخيمة على كل الصُّعد.

حماس تربت على الصمود والثبات

ويبقى السجال قائما بين حماس وحلفائها من جهة وبين إسرائيل وأمريكا من جهة أخرى، أما أوروبا، فسيبقى موقفها محايدا كما في كل مرة، فلا هي مع إسرائيل وأمريكا في تجاوزهما القانون الدولي والإنساني، ولا مع الفلسطينيين في الدفاع عن حقوقهم صراحة.

فحماس التي تربت على الصمود والثبات، لن تترك الأرض مهما فعل الأمريكان والصهاينة، ولن يستمعوا إلى نصائح العرب التي ربما تحمل طلب الخروج من غزة، لأنها تتناقض مع المبادئ العامة التي ترسّخت في عقول وأذهان الفئة المقاتلة والمجاهدة والمقاومة للاحتلال، وهم في ذلك يتّكئون على عون الله تعالى في المقام الأول، ثم دعم أهلهم وصمودهم، ودعم الأحرار في العالم.

وعلى حماس أن تكون ذكية في مقارباتها ومفاوضاتها في المرحلة الثانية لأنها ستكون الأخطر على الإطلاق مع علمها بأن إسرائيل لا يهدأ لها بال إلا بعد التدمير الكلي لقطاع غزة وإخراج أهلها وحماس منها.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.