تحيي الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، ككل عام، اليوم العالمي لحقوق النساء في الثامن من مارس، في ظل سياق عالمي وإقليمي متأزم يتسم بتصاعد النزاعات المسلحة وتنامي الحركات الرجعية التي تعيد إنتاج التمييز والعنف ضد النساء. كما يشهد الواقع التونسي تفاقم التحديات الحقوقية، حيث تتعرض الناشطات والصحفيات والمدافعات عن حقوق الإنسان للتضييق والمحاكمات الجائرة، إضافة إلى التراجع الملحوظ في الحريات الإعلامية والسياسية والحريات العامة والفردية.


ورغم المكتسبات التشريعية التي تحققت، لا تزال القوانين التونسية تعاني من ثغرات تعمّق الفجوة بين النصوص والممارسات الفعلية، إذ تحتل تونس المرتبة 126 عالميًا في مؤشر المساواة بين الجنسين لعام 2024. وفي هذا السياق، نطالب بـ:
- إلغاء الأحكام التمييزية في مجلة الأحوال الشخصية وخاصة منها المتعلقة بالميراث.
- تنفيذ القانون الأساسي 58 لسنة 2017 لمناهضة العنف ضد النساء بشكل فعلي، من خلال تخصيص ميزانية ملائمة، وتوفير مراكز إيواء مجهزة، وتسهيل المسار القضائي لضمان العدالة للضحايا
- . إعادة العمل بمبدأ التناصف الأفقي والعمودي في الانتخابات، مع توفير الحماية القانونية للنساء الناشطات والصحفيات ضد العنف السياسي.
- تجريم العنف السيبراني ضد النساء عبر سنّ تشريعات ملائمة وإلغاء المرسوم 54 لسنة 2022، وإنشاء منصات آمنة للإبلاغ عن التهديدات والمضايقات الإلكترونية.
مراجعة القوانين التمييزية، وخاصة:
o إلغاء المواد التمييزية في مجلة الأحوال الشخصية وإقرار المساواة في الإرث
o إلغاء القوانين التي تفرض التبليغ عن الحمل خارج إطار الزواج.
o إلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية لضمان عدم التمييز على أساس الميولات والهويات الجندرية. - ضمان المساواة في الأجور وظروف العمل، مع تعزيز الحماية الاجتماعية للعاملات، خاصة في القطاعات المتضررة.
- إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في ميزانيات الدولة التونسية وفي السياسات البيئية لضمان حقوق النساء في مواجهة التغيرات المناخية.
- حماية حقوق المهاجرات واللاجئات دون تمييز، وضمان عدم تجريم المدافعات عن حقوقهن.
لا يفوتنا أن نؤكد على حق التونسيات والتونسيين في محاكمة عادلة وفق المعايير الدولية. ونعبر عن رفضنا القاطع لما حصل فيما يسمى بـ “قضية التآمر”، حيث تم انتهاك حقوق السجناء والمحالين والمحالات في هذا الملف عبر فرض المحاكمة عن بعد وسلبهم حق الحضور والدفاع عن أنفسهم-هن. كما نعبر عن تضامننا مع سجناء-ات حرية الرأي والنشاط المدني والسياسي. ونشدد على ضرورة ضمان مسار قضائي عادل ومستقل، باعتبار أن استقلالية القضاء ركيزة أساسية للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
إننا، في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، نؤكد التزامنا بالتضامن مع القضايا العادلة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، ونرفض سياسات التهجير التي تنتهجها القوى الإمبريالية عالميًا. كما نرفض تكرار مأساة 1948 بحق الفلسطينيين والفلسطينيات، وندين سياسات الإبادة الجماعية والتهجير القسري.
وفي هذا السياق، نجدد تضامننا مع النساء في مختلف أنحاء العالم، وخاصة الفلسطينيات، السوريات، اللبنانيات، العراقيات، السودانيات، واليمنيات، اللواتي يواجهن آثار النزاعات العسكرية والسياسية على حقوقهن الأساسية كما نعبر عن تضامننا مع الكونغوليات وما يجابهنه.
نجدد تضامننا مع المصريات اللاتي يشهدن هذا العام تضييقًا متزايدًا على المدافعات عن حقوق النساء، حيث يتم منعهن من السفر، وتجميد أموالهن، وإغلاق منظمات مناهضة للعنف والتعذيب. كما ناقش البرلمان تعديلات على قوانين الحضانة والرؤية، والأحوال الشخصية، والأمومة والطفولة دون فتح حوار مجتمعي شامل. والأخطر من ذلك، تهدد مشروع قانون الجمعيات مستقبل العمل الحقوقي والنسوي، وسط غياب الشفافية حول تفاصيل مناقشته.
ولا يفوتنا ان نعبر عن تضامننا مع الدكتورة ليلى سويف التي وصلت إلى مرحلة الخطر في اليوم 160 من إضرابها عن الطعام الذي تطالب من خلاله بالإفراج عن ابنها المحتجز علاء عبد الفتاح الذي قضي عقوبته ولم يفرج عنه منذ سبتمبر 2024.
إننا، مناضلات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، نجدد التزامنا بالنضال كجزء لا يتجزأ من الحراك النسوي العالمي، ونؤكد دعمنا لكل المدافعات عن حقوق النساء في العالم. كما نؤمن بحق الجميع، بغض النظر عن هوياتهن.م الجندرية أو انتماءاتهن.م الاجتماعية، في المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والنقابية والحقوقية.
وندعو كافة القوى الشبابية إلى الانخراط في هذه المسيرة النضالية، ونثمن جهودهن.م في التنظيم والمشاركة في إحياء هذا اليوم، ليكونوا صوتًا قويًا ينادي بالمساواة وحقوق الإنسان. كما نحمل الدولة مسؤولية اتخاذ إجراءات جادة لتحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين، باعتبارها أساسًا لترسيخ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
إننا، في هذا اليوم النضالي، نؤكد التزامنا بمواصلة النضال من أجل تحقيق العدالة والمساواة التامة بين الجنسين. ونحمل الدولة مسؤولية اتخاذ إجراءات جادة لضمان حقوق النساء في كافة المجالات، باعتبار تحقيق المساواة شرطًا أساسيًا لترسيخ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
إن نضالنا مستمر، وإيماننا راسخ بأن المستقبل سيكون لنا جميعًا.
*عن الهيئة المديرة
الرئيسة، رجاء الدهماني
08 مارس 2025
شارك رأيك