من المخاطر الناجمة عن الثورة الرقميّة يتحدث الباحثون اليوم عن “الاستخدام المفرط للأنترانت” بوصفه ظاهرة مرضية بالضرورة. لذلك أضحت مخاطر الإدمان الرقمي مجالا للبحوث العلمية والدراسات الأكاديمية في تونس و العالم.
لن يستقيم أيّ تشكيك في طبيعة التحوّلات النوعية التي حقّقتها الثورة الرقمية في جميع مجالات الحركة الاقتصادية والبحوث العلمية والشؤون التعليمية والتربوية، وفي الوسائل الاتصالية، ممّا يؤكّد حجم تأثيرها في النسيج الاجتماعي عموما. ولن يستقيم كذلك نفي الكثير من المخاطر الناجمة عن الثورة الرقميّة، تلك التي تتمثّل في “الاستخدام المفرط للأنترانت” بوصفه ظاهرة مرضية بالضرورة. لذلك أضحت مخاطر الإدمان الرقمي مجالا للبحوث العلمية والدراسات الأكاديمية.
وفي هذا السياق نظّم قسم العلوم بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” يوم 12مارس 2025 بمقره بقرطاج لقاء علميّا حول مظاهر هذه المعضلة المرضية وسبل الخلاص منها. وافتتحت الأكاديمية آمال بن عمّار قعيّد فعاليات اللقاء، موضّحة أهمية التناول العلمي لظاهرة مهدّدة لسلامة الفرد والمجتمع، واحتوى النشاط على مداخلتين أكاديميتين، قوامهما التشخيص وطرح البديل للمجمعية سعاد كمون شوك ورئيس القسم حافظ عبد الملك. وركّزت مضامين هذا اليوم العلمي على مظاهر وانعكاسات معضلة الهوس بالتكنولوجيات الرقمية، والتي تحوّلت وفقا للمحاضرين إلى “رهاب” أو ما يعبّر عنه بالنوموفوبيا (Nomophobie) بما تعني من هلع وهوس ورفض للعيش إن غابت الهواتف الذكية وانقطعت سبل التواصل الافتراضي.
وركّزت في هذا الإطار الأستاذة شوك على مظاهر الضغط النفسي والإرهاق الذهني والتشنّج وفقدان آليات التواصل السليم مع المحيط الأسري والاجتماعي عموما، مشيرة إلى استغراق المدمن في عالم الفيديوهات والمواقع الإلكترونية بوصفها جاذبة، مشبّهة أفعال المدمنين بالذوات الآلية أو ما يعبّر عنه “بكلاب بافلوف” كما قدّمت العديد من الإحصائيات والجداول المؤكّدة على حجم إدمان أغلب الفئات وخاصّة الفئات الشبابية. ويتقاطع معها الأستاذ حافظ عبد الملك عبر تشديده على “رهاب فقدان الهاتف المحمول” أو “انعدام شروط الإبحار في العالم الافتراضي”.
فلم تكتف أطروحات الأكاديميين بتشخيص “مخاطر الإدمان الإلكتروني” لأنّها تضمّنت اقتراحات وتوصيات للخروج من “المأزق المرضي”، ومن أهمّ تلك التوصيات والاقتراحات الرهان على الحملات التحسيسية، لا سيما في الفضاءات التعليمية والتربوية واستبدال نشاط العالم الافتراضي بأنشطة ترفيهية ورياضية بديلة. كما دعت مضامين اللقاء إلى “ضرورة المصالحة مع الكتاب” واللجوء إلى “عطل رقمية”.
شارك رأيك