تحت عنوان “وداعا صديقي عبد الكريم غابة…!”، نعى المحامي و الروائي صلاح البرقاوي، النائب السابق في البرلمان عبر التدوينة التالية على صفحات الفايسبوك القاضي عبد الكريم غابة الذي وافته المنية صباح اليوم الثلاثاء 25 مارس الجاري:
“بلغني اليوم نبأ الرحيل المبكر للقاضي المتقاعد أخي وصديقي عبد الكريم غابة. أحزنني الخبر أيما حزن، لاسيما أن الموت لم يمهلني لأراه بعد أن علمت بمرضه منذ يومين. ظل طول العمر طفلا جميلا رغم كل شيء. تشابهت أقدارنا زمنا ثم تفرقت بيننا السبل. تقدمنا، كلانا، لأداء الخدمة العسكرية مع فارق دورة، وأكملنا الجزء الأخير منها بالمحكمة العسكرية،قبل أن يلتحق بي في المحكمة الابتدائية بالكاف في فيفري 1985 بعد أن سبقته إليها في أكتوبر 1984. تزوجنا كلانا مبكرا زيجتان متقشفتان. ثم تتالت الأعوام وفرقتنا النُقل التعسفية منها و العادية. ثم تركت القضاء وتدرج هو فيه إلى أعلى الرتب. تزاورنا مرات ثم أخذتنا الحياة في دروبها وطوحت بنا الظروف فذهبت بنا كل مذهب.
اليوم يصلني نبأ رحيله النهائي عن دنيانا ليوجعني بضحكته الطفولية النقية التي لم تكن تفارقه، إلى أيام تشاركنا فيها السكنى بمدينة الكاف زمن كان القاضي يعمل من الإثنين إلى السبت، إلى ساعات المفاوضة التي كان لي فيها سندا للتصدي نوازع الفساد ومدافعا جسورا عن العدل، إلى مكالماتنا الهاتفية إلى انخراطنا في فريق العدلية للرياضة والشغل، إلى مطبخنا البسيط، إلى استذكارنا لطفولة الفقيرة، إلى معاناة أمهاتتا…
وأنا أبحث في أوراقي القديمة عن صور لنا من تلك الحقبة التي مر عليها اليوم حوالي أربعين عاما، تعثرت بصور أخرى اختطف الموت منها بعض الوجوه الحبيبة التي اغتنت بها رحلتي في الحياة:
القاضي محرز لسود
الأستاذ الجنيدي كوكة
القاضي ساسي الكمالي
القاضي فرج الشابي
القاضي لطفي العاشوري
القاضي منجي شلغوم
والقائمة طويلة…
لذلك بت أكره الصور، فهي لا تحفظ من الأحبة سوى خسارتنا فيهم وبرد غيابهم الأبدي…
فوداعا صديقي كرّوم.. هنيئا لك ما عشت كما أردت أن تعيش، واللعنة على الصور وعلى الحياة حين تتحول بما فيها من عبث إلى سبب لتنازل البعض عن شرفهم من أجل أيام إضافية أو مركز أو خطة…!”.
رحم الله الفقيد بواسع رحمته و رزق أهله و ذويه جميل الصبر والسلوان!
شارك رأيك