حول انسحاب تونس من المحكمة الافريفية لحقوق الإنسان و الشعوب دون اعلام رسمي

لا للتراجع عن مكتسبات حقوق الانسان

تفاجأت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات شانها شان الرأي العام الحقوقي والمدني بقرار الدولة التونسية الصادر بتاريخ 3 مارس 2025، والقاضي بسحب الاعتراف باختصاص المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في تلقي العرائض من الأفراد والمنظمات غير الحكومية ذات الصفة الاستشارية لدى المحكمة الإفريقية. وقد تم إبلاغ المحكمة بهذا القرار في 7 مارس، دون أي إعلان رسمي مسبق، مما يعكس افتقادًا للشفافية ونهجًا أحادي الجانب يهدد الضمانات الحقوقية المكتسبة، ويشكل انتكاسة خطيرة لمسار العدالة الإقليمية.


إن المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، بصفتها إحدى أهم الآليات القضائية الإقليمية لحماية الحقوق والحريات، تمثل ملاذًا قانونيًا يتيح للأفراد والمنظمات الوصول الى العدالة بعد استنفاد السبل الوطنية. ويأتي هذا القرار ليضع تونس في موقف متناقض مع التزاماتها الدولية، خاصة بعد مصادقتها على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب منذ سنة 1983، وانضمامها إلى البروتوكول المنشئ للمحكمة سنة 2007، وتقديم إعلانها الخاص بالمادة 34 فقرة (6) سنة 2017.
ان الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تعتبر هذا القرار تراجعًا خطيرًا في مجال حقوق النساء، ويعكس مؤشرات مقلقة على تراجع الإرادة السياسية في حماية المكاسب النسوية وضمان العدالة الجندرية، إذ أن انسحاب تونس من المحكمة الإفريقية يهدد آليات الحماية التي تعتمدها الناشطات النسويات للدفاع عن حقوق النساء، لا سيما من خلال بروتوكول مابوتو، الذي يعزز حقوق النساء في القارة الإفريقية، ويضمن لهن الحماية من العنف، والمساواة في المجالين السياسي والاجتماعي، والحق في الصحة الإنجابية، ووضع حد للممارسات الضارة مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. والحق في اجهاض آمن للنساء.
وعلاوة على ذلك، فإن هذا القرار يأتي رغم أن الدولة التونسية قد صادقت سابقًا على عدد من الاتفاقيات الحقوقية القارية، وعلى رأسها القانون الأساسي عدد 33 لسنة 2018 المؤرخ في 6 جوان 2018، المتعلق بالموافقة على انضمام الجمهورية التونسية إلى بروتوكول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في إفريقيا.
إننا نؤكد على أن انتماءنا إلى منظومة حقوقية شاملة، فنحن ملتزمات بضمانات حقوق الشعوب والأفراد والجماعات كما تكرسها الآليات الدولية، والتراجع عن هذه الآليات يمثل إضعافًا للتحالفات الأفريقية وتقويضًا لمنظومة العدالة القارية. وينبغي لتونس، أن تتجاوز المنهجيات السياسية التي تعزلها عن امتدادها القاري.
وعليه، فإن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات:

تدعو السلطات التونسية إلى مراجعة هذا القرار، والعدول عنه احترامًا لتعهداتها الإقليمية والدولية، والتزامًا بمبادئ الشفافية والعدالة.
تطالب منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية بالتحرك المشترك للتصدي لهذا القرار، والدفاع عن حق الأفراد والمنظمات في التقاضي أمام الهيئات الإقليمية.
تدعو الاتحاد الإفريقي واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لحث الدولة التونسية على احترام التزاماتها بموجب الميثاق الإفريقي.
تجدد التزامها بالنضال من أجل صون المكتسبات الحقوقية في تونس، والعمل على تعزيز آليات الإنصاف وضمان استقلالية القضاء واحترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
تؤكد اننا يقظات تجاه جملة التراجعات في مجال الحقوق والحريات وتنبه من السير بخطى حثيثة نحو نموذج مجتمعي منغلق خاضع.

إن أي تراجع عن مبادئ العدالة والحقوق يمثل تهديدًا مباشرًا لمسار الديمقراطية في تونس، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ستواصل النضال من اجل التصدي لكل محاولات تقويض منظومة حقوق الإنسان، سعيًا نحو تحقيق دولة القانون والعدالة والكرامة الإنسانية.

عن الهيئة المديرة الرئيسة رجاء الدهماني تونس في 24 مارس 2025

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.