أصدرت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات تقريرًا سنويًا لسنة 2024، بعنوان “انتبه. لقد بدأ القمع”، حيث يأتي التقرير السنوي كوثيقة رصد شاملة لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل الدولة التونسية بمجموع 233 حالة انتهاك في سنة 2024، وهي السنة التي شهدت فيها تونس عددًا من انتهاكات حقوق الإنسان، كان القسط الأكبر منها موجَّهًا للحقوق المدنية والسياسية.
وقد تم تسليط الضوء على عمليات الإيقاف وما انجرَّ عنها من تجاوزات وانتهاكات لحقوق الموقوفين، ونوع القضايا التي تم إحالتها إلى المحاكم. ويُشير التقرير في جزء منه إلى تواصل موجة استهداف الحق في حرية التعبير خاصة القضايا على معنى الفصل 24 من المرسوم عدد 54 حيث تم رصد 32 حالة انتهاك بسبب هذا المرسوم.
مع تصاعد سياسة الدولة نحو التضييق على الحريات السياسية، ويرصد التقرير جملة من حالات الانتهاك والتي تعلقت بـ 17 فردًا كانوا من المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية، تم حرمان جزء منهم عبر عدم تمكينهم من الوثائق الإدارية اللازمة، وأهمها البطاقة عدد 3 الخاصة بالسوابق العدلية، إضافة إلى تعديل القانون الانتخابي قبل أشهر من الانتخابات.
ويستعرض التقرير انتهاك الدولة للحق في حرية التعبير ومختلف الحقوق المرتبطة به، مثل الحق في حرية الإعلام والصحافة حيث يشير التقرير إلى تعرض أكثر من 9 صحفيين إلى محاكمات تعسفية على خلفية ممارستهم لعلهم بكل حرية، والحق في حرية العمل السياسي والنقابي، والتجمع السلمي، وكذلك حرية العمل المدني، وما شهدته هذه المجالات خاصة من محاكمات ضد موظفي المنظمات غير الحكومية. والتي تم على إثرها التحقيق مع أكثر من 40 فردا واعتقال ناشطين/ات ومدافعين عن حقوق المهاجرين. إلى جانب ما تعرضوا له من إجراءات تعسفية وتهم كيدية، علاوة على الاعتقالات والبقاء في السجون لفترات طويلة دون وجود أي إدانة حقيقية أو مسار محاكمة يتوفر على جميع مقومات المحاكمة العادلة.
كما يتطرق التقرير إلى عمليات الإيقاف التعسفي، والتعنيف، والتجاوزات داخل السجون، وانتهاك الحق في المحاكمة العادلة من خلال عدم احترام الإجراءات القانونية وهضم حقوق الدفاع، في تجاوز تام للقانون واستغلاله وفقًا لما يتماشى مع سياسة السلطة الحالية.
ويُقدِّم التقرير سردًا زمنيًا مُفصلاً لأحداث انتهاكات حقوق الإنسان في تونس، ابتداءً من شهر جانفي وحتى نهاية ديسمبر 2024، ويُصنِّف هذه الانتهاكات بدقة وفقًا لنوع الحق المُنتهَك، مُغطيًا مجموعة واسعة من الحقوق المدنية والسياسية، بهدف توفير رؤية معمقة لواقع حقوق الإنسان في تونس، وقياس مدى احترام الدولة التونسية لهذه الحقوق والتزامها بالمعاهدات والمواثيق الدولية المُنضمة إليها. كما يُسلِّط التقرير الضوء على التحديات التي تواجه حماية حقوق الإنسان في تونس، ويُقدِّم توصيات مُحددة لتعزيز احترام هذه الحقوق وضمان وفاء الدولة بالتزاماتها الدولية.
وينتهي التقرير باستخلاص أنماط الانتهاكات وتصنيفها حسب الحقوق المنتهكة، إذ يكشف عن نمط ممنهج ومتواصل من انتهاكات حقوق الإنسان في تصاعد بشكل ملحوظ بعد تاريخ 25 جويلية 2021. ويشير إلى سيطرة السلطة التنفيذية على باقي السلطات، واعتماد منظومة قانونية مقيدة للحريات.
كما يتناول استهداف المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، إضافة إلى التجاوزات التي رافقت الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2024، خاصة فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، ما يعزز المخاوف من تراجع ممنهج للديمقراطية.
شارك رأيك