بعد سقوط جدار المزونة : ألا انهض و سر في سبيل الحياة !

لن يسقط الجدار على ظله هذه المرة فحتى الظل يستغيث، و كم من حائط آيل للانهيار يترنح و يفقد التوازن على مرأى ومسمع من الجميع؟ و كم من دعوة للنجدة بقيت مثل الصرخة في الوادي السحيق لا سميع و لا مجيب !! و حتى جدران الفايس بوك تشهد على نداءات الاستغاثة لكنها لم تجلب انتباه المتابعين… 

سعيد بحيرة

و بعيدا عن تهويل الأمور نكاية في السلطة،  و بعيدا عن التمعش من آلام الناس فإننا نضم صوتنا للداعين إلى الاستيقاظ من الغفلة التي طالت فأنستنا الأشياء المهمة و طوحت بنا في متاهات الخلافات و المناكفات و هي تكاد أن توقعنا في المحظور.

و لا داعي لشيطنة الإدارة و هي من سواري الدولة التي بقيت واقفة بعد اهتزازات الثوريين و استهداف الناقمين فلم تنقطع خدماتها و إن شابها التعثر و الاضطراب.

و لا داعي أيضا للبحث عن أكباش الفداء فالجميع مسؤول و إن بدرجات، و لن ينفع تلبيس الحدث الأليم لطرف دون آخر، و لنترك القضاء يتحرى ليشخص الوقيعة و يحدد المسؤوليات. 

الكف عن المزايدات و المرور إلى الأهم

 أما الذي نبتغيه فيبقى الكف عن المزايدات و المرور إلى الأهم المتمثل في أداء كل منا واجبه دون مكر و خذلان و بشيء من حب الوطن، و هو أيضا الدخول في مرحلة إصلاحات هادئة تمكن بلادنا من المرور الحقيقي من النبوءة إلى الفتح و في ذلك فليتنافس المتنافسون…

أما أن نواصل المزايدة على احتكار النقاوة و الطهورية فذلك عين التيه و الضياع. و الأوطان يبنيها الانخراط الواسع للناس بقيادة الفائزين في الانتخابات التي يجب أن تليها الوحدة الوطنية و الاشتراك في المسؤولية لأن الفوز بالمواقع لا يمنح الفائزين صكا على بياض. فهم يقودون تحت رقابة الناخبين و المنافسين، و هم يمثلون كل الشعب سواء كانوا منافسين بالأمس أو معارضين فيما بعد. و هذا هو قانون اللعبة السياسية و قانون  الديمقراطية التي طلبها الشعب و دفع ثمنها غاليا. ثم إن الوطنية قاسم مشترك رغم أن كل واحد يراها من زاوية نظره، و قد رأينا أوطاننا كانت بالأمس القريب شامخة صلبة، و عندما دب في أوصالها الانشقاق و الفرقة تسللت إلى فضائها الضغائن و الانشقاقات و قوى الشر و العملاء فجعلوا منها مسرحا للتقاتل و الحروب، و لننظر إلى السودان الشقيق و اليمن السعيد و سوريا الأبية… و لا نقول ذلك من باب التهويل و المقارنة بل نذكر بتلك الأقطار العزيزة و قد وقعت في خطيئة التشرذم و انفراط وحدتها الوطنية.  

لننخرط بهمة و عزم في مجهود الإصلاح

و لبلادنا رصيد قوي من الوحدة الداخلية كان صمام أمان حينما اضطربت أحوالها في منعرجات معلومة، و ساهمت كل الأطراف في الإنقاذ و العبور إلى شاطئ النجاة. وحينما حصل الإقصاء باسم الغلبة دفع الجميع الثمن بطريقة أو بأخرى و في ذلك عبرة لأولي الألباب.

و يستحضرني موقف ذلك السياسي من صنف الهواة و هو يتفاخر بنشوته حينما ينهزم الفريق الوطني لكرة القدم فقط لأنه معارض للسلطة الحاكمة. و لما تبلغ المشاعر هذه المرتبة من الصادية فلا شيء يمنع من العمالة و التحالف مع الأعداء و هي الخيانة بعينها. و إن فقدنا ثلاثة زهور من شبابنا في المزونة فإننا نبكيهم بحرقة و نترحم على أرواحهم الطاهرة، و سنكون من الخائبين إن لم نستخلص الدرس من فقدانهم فنسمو على خلافاتنا الثانوية و ننخرط بهمة و عزم في مجهود الإصلاح و البناء الحضاري على أساس انتمائنا المشترك لهذه البلاد العزيزة.  

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.