العدالة ليست انتقاماً بل سيادة للقانون وحماية للوطن

في خضمّ الجدل الدائر حول المحاكمات الأخيرة لبعض الشخصيات المتهمة بالمساس بأمن تونس واستقرارها، و الذين صدرت ضد37 منهم أحكام ليلة أول أمس الجمعة 18 أفريل 2025 تتراوح بين 4 ة 66 سنة سجنا نتهمة “التأمر على أمن الدولة الداخلي و الخارجي”، يبرز سؤال جوهري: هل نحن أمام محاكمات سياسية أم أمام تطبيق صارم للقانون؟ البعض يحاول تصوير المحكوم عليهم كـ”ضحايا” أو “مناضلين”، بينما تؤكد الوقائع والأحكام القضائية أنهم ارتكبوا جرماً واضحاً ضدّ الوطن. فكيف يجب أن نتعامل مع هذه القضية بعيداً عن الانفعال والتشفي؟  

ليث الأخوة

1. الثقة في القضاء ركن أساسي من أركان الوطن

القضاء التونسي، بكل مؤسساته، هو حامي الحقوق والضامن لسيادة القانون. الخروج عن هذا المبدأ يعني التشكيك في أساس الدولة ذاتها.

نحن كمواطنين مطالبون باحترام الأحكام القضائية، لأن العدالة ليست انتقائية، ولا يمكن أن تكون أداة في يد أي جهة. من ثبتت عليهم التهمة بالمحاكمة العادلة، فلا مجال للتراجع عن عقابهم بحجة أنهم “مناضلون” أو أن أحكامهم “سيُلغى بعد رحيل الرئيس”. مثل هذه الأقوال تدمر فكرة الدولة وتشجع على الفوضى.  

2. التواطؤ مع الإسلام السياسي والخارج جريمة لا تُغتفر 

التاريخ الأسود لبعض الجماعات التي تحالفت مع تنظيمات الإسلام السياسي في تونس لا يُنسى. لقد استغلوا الديمقراطية للوصول إلى السلطة، وعندما فشلوا، حاولوا العودة من باب التآمر مع جهات أجنبية. هذه ليست “نضالاً”، بل خيانة للوطن.

القانون لا يرحم “المغفلين” الذين انساقوا وراء هذه الأجندات، لأن الجهل بالنتائج لا يُعفى من المسؤولية.  

3. معركة السلطة أم معركة الوطن؟  

من يزعم أن هؤلاء المحكومين “سيُطلق سراحهم بعد رحيل الرئيس” لا يفهم معنى الدولة. مثل هذه التصريحات ليست فقط مخجلة، بل خطيرة، لأنها تروج لفكرة أن القانون مؤقت وسياسي.

هل نريد أن نعيش في دولة يحكمها القانون أم في غابة يحكمها الأقوى؟ الخطر الأكبر هو أن يصبح السجن أو الإفلات منه مرتبطاً بتغيير الحكومات، لا بالعدالة.  

4. الخيانة ليست رأياً والسياسة ليست جريمة

هناك من يحاول خلط الأوراق بين حرية الرأي وارتكاب الجرائم. انتقاد السلطة حق، لكن التآمر مع جهات معادية لتقويض أمن الوطن جريمة.

لا يمكن تبرير الأفعال الإجرامية تحت شعار “الاختلاف السياسي”، لأن الوطن ليس سلعةً تُباع وتُشترى. و تونس ليست مزرعةً يتقاسمها المتآمرون، بل هي وطنٌ له قانون ودستور.

الثقة في القضاء ليست خياراً، بل واجباً وطنياً. من يحترم تونس، يحترم عدالتها. ومن يريد إصلاحها، فليبدأ بنبغ كل من يستخفّ بمؤسساتها. العقاب ليس تشفياً، بل رسالة واضحة: لا مكان للخونة في وطنٍ يريد النهوض.  

لنكن واضحين: معركة تونس اليوم هي معركة وجود، بين من يؤمنون بالدولة والقانون، ومن يريدونها فوضى. والاختيار بينهما ليس صعباً لمن يحبون هذا البلد حقاً.

خبير في التنظيم الصناعي و اللوجيستيك.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.