خلال مشاركته في اليوم الإعلامي حول “آليات الدفاع التجاري” يوم أمس الإثنين 21 افريل 2025 ب مقر اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يدعو رئيس منظمة الأعراف سمير ماجول إلى “مضاعفة جهود التصدّي لظواهر الإغراق والتوريد العشوائي والتهريب والتجارة الموازية والتقليد التي تخرّب الاقتصاد الوطني وتفاقم من نسبة البطالة” في البلاد.
شارك السيد سمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، اليوم الاثنين 21 افريل 2025، بمقر المنظمة بالعاصمة، في اللقاء الإعلامي حول آليات الدفاع التجاري أشرف عليه وزير التجارة وتنمية الصادرات السيد سمير عبيد، وبمشاركة السيدة أمل مغيربي رئيسة الجانب التونسي في برنامج دعم منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (Zlecaf) بوكالة التعاون الألمانيGIZ ، والمديرة العامة للتجارة الخارجية بوزارة التجارة السيدة درة برجي.
وحضر اللقاء مسؤولون بوزارة التجارة واتحاد الصناعة والتجارة وعدد هام من أصحاب المؤسسات وممثلون عن قطاعات اقتصادية.
وأكد السيد سمير عبيد في كلمته الافتتاحية على أهمية آليات الدفاع التجاري في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير الأدوات القانونية لحماية النسيج الصناعي الوطني مشيرا إلى أن هذه الآليات هي أدوات قانونية تتيح للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية اتخاذ إجراءات حمائية ضد المنتجات الموردة والتي تلحق ضررًا بالصناعة المحلية وأن تطبيقها لا يتعارض مع التزامات تونس الدولية في ما يتعلق بحرية التجارة وتنقل البضائع، بل تساهم في خلق بيئة تنافسية عادلة تحمي الاقتصاد الوطني.
وفي سياق متصل، بين وزير التجارة وتنمية الصادرات أن تونس قد خطت خطوات هامة في وضع إطار قانوني وطني متكامل بشأن هذه الآليات مؤكدًا على أن الإجراءات المستقبلية ستكون أكثر نجاعة.
إحداث الهيئة العامة للدفاع التجاري قريبا
كما أضاف أن التجربة التونسية في مجال الدفاع التجاري تعتبر محدودة على مستوى الموارد البشرية واللوجستية المتاحة لمتابعة التحقيقات من جهة وعدم إلمام المتعاملين الاقتصاديين بتفاصيل هذه الآليات، مما يحد من استفادتهم منه من جهة أخرى.
و أفاد الوزير أن تونس بصدد اتخاذ خطوات هامة لتعزيز قدرة الأجهزة المعنية على التفاعل مع القضايا المتعلقة بالدفاع التجاري مبرزا أن إحداث الهيئة العامة للدفاع التجاري قريبا والتي من خلالها سيتم تفعيل هذه الآليات حتى تصبح أكثر نجاعة.
وأعلن السيد سمير عبيد في هذا السياق عن مجموعة من المشاريع المصاحبة لاحداث هيئة الدفاع التجاري والتي ستساهم في تعزيز النظام الوطني للدفاع التجاري، من بينها:
– إطلاق نظام الإنذار المبكر لمتابعة واردات المنتجات التي لها مثيل مصنع محليا.
– تنظيم برامج تكوين للمعنيين بتفعيل هذه الآليات من الهياكل الإدارية، غرف التجارة والصناعة، والمنظمات المهنية.
– إعداد منصة تفاعلية لإيداع العرائض من طرف المتعاملين الاقتصاديين.
– اقتراح إمكانية إحداث تخصص جامعي في مجال الدفاع التجاري في مستويات الماجستير والدكتوراه.
من جانبه أكد السيد سمير ماجول في كلمته أن تونس اختارت منذ عقود نهج الانفتاح الاقتصادي والانخراط في العولمة ليقينها بأن الانفتاح والعولمة يفتحان الآفاق ويوفّران فرصا واعدة للنمو والازدهار إذا ما استندا إلى وضوح قواعد اللعبة والتوازن والإنصاف في العلاقات بين الدّول وبين الشركاء الاقتصاديين، رغم الوعي بأن هذا الخيار لا يخلو من مخاطر وخاصة الممارسات غير النزيهة وغير الشفافة في المبادلات التجارية. مضيفا أن الحديث اليوم عن أهمية آليات الدفاع التجاري وحماية النسيج الوطني الصناعي في مواجهة الممارسات غير المشروعة كالإغراق والدعم المقنّع من بعض الدول لمؤسّساتها والتهريب فإن ذلك لا يعني التراجع عن خيار الانفتاح، بل هو دفاع مشروع عن المؤسسات التونسية والاقتصاد الوطني ومواطن الشغل في إطار القواعد التي وضعتها منظمة التجارة العالمية.
وأوضح رئيس الاتحاد أن الاقتصاد التونسي يعاني من التبادل التجاري غير المتكافئ مع عدد من البلدان، بسبب اتفاقيات غير مُنصفة وغير متوازنة أو الإغراق، كما يعاني من ظواهر أخرى مثل التوريد العشوائي والتهريب والتقليد، وهي ممارسات خلقت منافسة غير متوازنة في السوق الداخلية، مما كبّد الصناعة الوطنية خسائر كبرى وتسبب في إغلاق عديد المؤسسات وانهيار قطاعات برمتها وفقدان آلاف مواطن الشغل.
وأشار إلى أنه إزاء هذا الوضع لا بد من التحرك لحماية النسيج الصناعي الوطني وإقرار التشريعات والإصلاحات الهيكلية الضرورية مع المحافظة على خصوصية النسيج الصناعي المحلّي وتطوير القدرة التنافسية والأخذ بعين الاعتبار الالتزامات الدولية لتونس وهو ما تعمل به العديد من الدول في العالم، وإعادة النظر في العديد من الاتفاقيات التجارية غير المتوازنة التي تؤثر سلبا على الميزان التجاري وعلى النسيج الصناعي لبلادنا.
ضرورة حماية النسيج الصناعي الوطني
ودعا رئيس الاتحاد إلى مضاعفة جهود التصدّي لظواهر الإغراق والتوريد العشوائي والتهريب والتجارة الموازية والتقليد التي تخرّب الاقتصاد الوطني وتفاقم من نسبة البطالة في بلادنا، مشددا على أن آليات الدفاع التجاري باعتبار قدرتها على تحقيق التوازن في التجارة الدولية وحماية الاقتصاديات الوطنية من الممارسات غير العادلة تمثل خيارا هاما إذا ما طبق بالفاعلية والجدوى المطلوبة وفي إطار قوانين منظمة التجارة العالمية.
وبيّن رئيس الاتحاد الفرق بين السياسات المشروعة لحماية النسيج الصناعي لأي بلد في إطار قوانين منظمة التجارة العالمية وبين الإفراط في الحماية وفرض رسوم جمركية مجحفة وغير معقولة ممّا ينذر بحرب تجارية سيكون لها بالتأكيد تداعياتها على عديد البلدان ومن بينها تونس، داعيا إلى ضرورة التعاطي مع هذا الوضع بكل حكمة، واستباق التداعيات المتوقعة على الاقتصاد التونسي والتنسيق مع شركاء تونس ثنائيا وإقليميا وعالميا.
كما أشار رئيس الاتحاد إلى “دليل آليات الدفاع التجاري” الذي أعدته وزارة التجارة وتنمية الصادرات والذي يتضمن معطيات هامة ومفصلة حول تدابير مكافحة الإغراق والتدابير التعويضية وتدابير الحماية في الاستيراد، وكلها أدوات تستند إلى اتفاقيات منظمة التجارة العالمية (اتفاقية الحماية، اتفاقية مكافحة الإغراق، واتفاقية الدعم والتدابير التعويضية)، مؤكدا على أهمية أن تتعرف المؤسسات على هذه الآليات لاستخدامها وأهمية هذا اللقاء الذي يهدف إلى نشر ثقافة اقتصادية وقانونية أوسع بخصوص هذه الآليات.
وشدد السيد سمير ماجول على أن رصد الممارسات غير المشروعة مسؤولية مشتركة بين المؤسسات والهياكل المهنية والإدارة، كما أن الدفاع عن النسيج الصناعي الوطني وعن القدرة التنافسية لبلادنا يتطلب سياسة تشاركية وهي الكفيلة بتحقيق المصلحة الوطنية، معتبرا أن الحفاظ على ديمومة المؤسسات وعلى مواطن الشغل هو جوهر هذه المصلحة الوطنية، ودعا في هذا الخصوص إلى تشريك الاتحاد وهياكله المهنية في كلّ القرارات ذات الطابع الاقتصادي والتي تهم القطاعات، وإلى عدم اللجوء إلى القرارات الأحادية التي لا تأخذ بعين الاعتبار واقع المؤسسة التي تواجه وضعا اقتصاديا عالميا غير مسبوق وارتفاعا للأسعار في الأسواق العالمية لعديد المواد والتجهيزات والخدمات.
الإطار القانوني لوسائل الدفاع التجاري
كما أشار إلى أن القرارات حين تُتّخذ دون تشاور تُربك التوازنات المالية للمؤسسات، وتُعطل الإنتاج وتضعفُ مناخ الثقة، وعندما يكون قطاعا ما في أزمة لا يمكن إنقاذه عبر تحديد الأسعار أو تجميد هامش الربح، بل يجب فهم تكاليفه الحقيقية ومرافقته، وتأمين مناخ قانوني ومالي واضح ومستقر.
وشدد رئيس الاتحاد على أن حرية الأسعار هي المبدأ في تنظيم السوق، حيث تُحدّد وفقاً للعرض والطلب مع مراعاة التكاليف الحقيقية للإنتاج، معربا عن أمله في أنه كما تتدخل الدولة في التسعيرة عند ارتفاع الأسعار، يجب أن تتدخل عند انهيارها حفاظا على المنتجين وعلى التوازنات الاقتصادية والمالية.
كما دعا رئيس الاتحاد إلى معالجة موضوع مستحقات بعض القطاعات لدى الدولة لأشهر عديدة تقرب إلى السنتين بالنسبة للبعض حتى تواصل المؤسسات عملها في ظروف عادية، مؤكدا أن ممثلي القطاع الخاص لا يناقشون حق الدولة في اتخاذ القرار، وليسوا منافسين لها ، بل ينتظرون منها قرارات تشجع على الاستثمار والتصدير وتحقيق النمو، مشيرا إلى أن أهمية التشاور ومواصلة ممثلي القطاع الخاص القيام بدورهم كقوة اقتراح استنادا لواقع المؤسسة.
من جانبها أكدت السيدة أمل مغيربي رئيسة الجانب التونسي في برنامج دعم منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (Zlecaf) بوكالة التعاون الألماني GIZ أن الانفتاح التجاري يؤثر بشكل واضح على تطوير العلاقات التجارية ويخلق فرصًا مهمة، ولكنه في الوقت ذاته يفرض تحديات كبيرة على الصناعة الوطنية، خاصة من حيث ضعف القدرة التنافسية، ونقص الموارد لدى المؤسسات المحلية، والحاجة إلى الحفاظ على السيادة الاقتصادية للدولة.
وأضافت السيدة أمل مغيربي أنه في هذا السياق، تعتبر أدوات الدفاع التجاري أدوات إستراتيجية مهمة تهدف إلى حماية المصالح الاقتصادية الوطنية، ودعم المؤسسات المحلية، وهو ما يسعى إليه التعاون الفني بين وزارة التجارة والاتحاد الإفريقي، والذي يهدف إلى دعم قدرات تونس في التفاوض وتنفيذ آليات الدفاع التجاري.
من جانبها أكدت المديرة العامة للتجارة الخارجية بوزارة التجارة السيدة درة برجي أن هناك إطار قانوني يعود لسنة 1998 يخص الإجراءات الوقائية وإطار آخر يعود لسنة 1999 يخص الممارسات غير المشروعة للتوريد، ولكن لم يتم تفعيله على النحو المأمول رغم أن تونس كانت من الأوائل على المستوى العربي التي أقرت مثل هذه الإجراءات، وهنا يأتي إحداث جهاز الدفاع التجاري بمقتضى المرسوم عدد 68 الذي يخص التسريع في القيام بالتشريعات الخاصة في القطاع العام والخاص، كما تم إحداث”جهاز الدفاع التجاري” حسب الفصل 34 في انتظار صدور الأمر المنظم لتركيبة ومشمولات “الهيئة العامة للدفاع التجاري”.
وتضمن اللقاء 4 عروض قدمها ممثلون عن الإدارة العامة للتجارة الخارجية تمحورت حول الإطار القانوني لوسائل الدفاع التجاري، وإجراءات القيام بالتحقيقات في مجال الدفاع التجاري، وأمثلة عملية في تونس لتفعيل وسائل الدفاع التجاري وأخيرا تم تقديم بوابة التجارة الخارجية.
بلاغ.
شارك رأيك