من رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية
الى السيد رئيس مجلس نواب الشعب
الى السيدات والسادة عضوات واعضاء لجنة التشريع العام
الى السيدات والسادة نائبات ونواب مجلس النواب
ان تواتر المبادرات في الأسابيع الأخيرة ذات العلاقة بحقوق النساء ومكتسباتهن التشريعية والمتمثلة في مشروع قانون حول العفو التشريعي العام على المطالبين بتسديد ديون أحكام النفقة، وتنقيح الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية، وغيرها …
مبادرات تمسّ من مكتسبات المرأة التونسية التشريعية وحقوقها الانسانية كمواطنة، والتي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية، وتستبطن الرغبة في ضربها، مكتسبات جعلت من تونس نموذجا في مجال حقوق النساء، ومن مجلة الأحوال الشخصية مكسبا يكرس الاستقرار الاسري تمت دسترتها بعد نضالات طويلة لنساء ورجال افرادا او جماعات يؤمنون بمبادئ الجمهورية وقيم العدالة والحرية والمساواة.
ولعل ماورد في اخر هاته المبادرات لتعبير صريح على نيّة المسّ من مجلة الأحوال الشخصية باقتراح تعديل الفصل 32 منها وهي تتمّة لمبادرة العفو التشريعي في مادة النفقة بتعلة المساهمة في الحد من ضغط قضايا الطلاق على المحاكم والحد منها، في حين ان هاته المبادرات الى جانب خطورتها على التماسك الأسري والمصلحة الفضلى للأطفال والمحضونين فانها تتعامل مع الزواج على أنه عقد لا مؤسسة يمكن انهاءه بمجرد تحرير وثيقة لا تختلف كثيرا عن صيغة “انت طالق” وتجاربنا الميدانية والتصاقنا بالنساء والرجال على حد السواء اثبت لنا محاولة الكثيرين رفع دعاوى طلاق “بالتراضي” دون أن يحصل التراضي الفعلي بينهما وأنما يصدر كرها لتعلات مختلفة .
ان الاتحاد الوطني للمراة التونسية يؤمن بان مؤسسة القاضي الصلحي هي الوحيدة الكفيلة بإصلاح ذات البين بين الزوجين، والوقوف على الاسباب الحقيقية للطلاق، وان دعم هاته المؤسسة واصلاحها ان اقتضى الأمر وحده كفيل بحماية حقوق المتقاضين وابناءهم القصر. وان الطلاق لا يمكن أن يصدر الا عن المحاكم، وان إلغاء دور قاضي الأسرة والطور الصلحي وما يقتضيه احيانا من تكليف ذوي الاختصاص في مجالات فنية او علمية لمزيد الاطلاع على حقيقة أوضاع الزوجين المتنازعين لآليات كفيلة بضمان حقوق جميع الأطراف لا يمكن أن يقوم بها غير السادة القضاة المختصين والمؤهلين للبت في النزاعات الأسرية.
وهو مايجعل حتى من مبادرة “التوفيق الاسري” مبادرة تتداخل مع المؤسسات القضائية والهيئات العدلية المختصة قد تعقد الأمور ولا تبسطها .
اننا في الإتحاد الوطني للمرأة التونسية نخشى ان تكون مبادرة تنقيح الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية مدخلا للمسّ من جميع احكامها وفصولها وضربا لحقوق النساء التونسيات ومحضونيهن وزعزعة مؤسسة الزواج والتعامل معه وكانه عقد لا يختلف عن غيره من العقود الناقلة للملكية التي يختص بتحريرها السادة عدول الاشهاد.
ان الاتحاد الوطني للمراة التونسية يحذر من اي تراجع على مكتسبات النساء، مواصلا دعمه لحقوقهن وسعيه لتحقيق المزيد منها، ويؤكد رفضه القطعي لهذا المشروع لما يشكّله من تهديد حقيقي لمكتسبات النساء التونسيات وما قد يحفّه من ظلم لهن وتعدي صارخ على كرامتهن خاصة في ظل بعض العلاقات الغير متكافئة بناء على الوضع الاقتصادي والاجتماعي لاغلبهن، ومسّ من الضمانات القانونية التي تنبني على مبدا المواجهة وتكفلها المحاكمات العادلة لضمان السلم الاجتماعي وتحقيق النظام العام.
شارك رأيك