عبد الكبير: تحليل استراتيجي للأحداث في طرابلس بعد مقتل عبد الغني الككلي

خلفية الحدث
في 12 مايو 2025، قُتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة”، رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، خلال اشتباكات مسلحة في جنوب طرابلس، تحديدًا بمقر اللواء 444 قتال.

هذا الحدث أثار موجة من التوترات الأمنية في العاصمة الليبية، مصحوبة بانتشار دبابات وآليات عسكرية، توقف حركة الطيران بمطار طرابلس، وتعليق الدراسة، مع دعوات من وزارة الداخلية للمواطنين بالبقاء في منازلهم. يأتي الحدث في سياق تصاعد الخلافات بين الفصائل المسلحة الموالية لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، خاصة بعد تحركات عسكرية من مدن مثل مصراتة والزاوية والزنتان نحو طرابلس.
الأهمية الاستراتيجية لعبد الغني الككلي
• نفوذه في طرابلس: عبد الغني الككلي، الذي تحول من قائد ميليشيا إلى رئيس جهاز دعم الاستقرار عام 2021، كان أحد أبرز قادة المجموعات المسلحة في طرابلس. سيطرته على منطقة أبو سليم جعلته لاعبًا رئيسيًا في المعادلة الأمنية والعسكرية غرب ليبيا. كما وصفته منظمة العفو الدولية بأنه أحد أكثر قادة الميليشيات نفوذًا في العاصمة.
• علاقاته السياسية والدولية: كان الككلي حليفًا استراتيجيًا لحكومة الوفاق سابقًا وحكومة الوحدة حاليًا، وارتبط بعلاقات مع شخصيات مثل فايز السراج وعبد الحميد الدبيبة. تقارير تشير إلى أنه كان يُعتبر “حليفًا استراتيجيًا” لإيطاليا، مما يعزز دوره في استقرار طرابلس من منظور خارجي.
• خلفيته الإجرامية: رغم نفوذه، كان الككلي مثيرًا للجدل بسبب ماضيه الإجرامي، بما في ذلك تورطه في تجارة المخدرات والقتل، وسجنه قبل هروبه في 2011. هذا جعله هدفًا لانتقادات محلية ودولية، مما أضعف شرعيته في بعض الأوساط.
تحليل الأحداث الأمنية
1 أسباب الاشتباكات:
◦ خلافات داخلية: مقتل الككلي جاء خلال محادثات مع اللواء 444 قتال لاحتواء التوتر الأمني، لكن الخلافات تطورت إلى نزاع مسلح. هذا يعكس هشاشة التحالفات بين الفصائل المسلحة الموالية لحكومة الوحدة، حيث تتنافس على النفوذ والسيطرة على مؤسسات الدولة.
◦ صراعات إقليمية: تحركات
من مصراتة والزاوية والزنتان نحو طرابلس تشير إلى صراع إقليمي على السيطرة على العاصمة، التي تُعتبر مركز السلطة السياسية والاقتصادية. هذه التحركات قد تكون محاولة لملء الفراغ الذي خلفه مقتل الككلي.
◦ ضغوط سياسية: تصاعد الخلافات بين حكومة الدبيبة وفصائل أخرى، مثل القوة المشتركة مصراتة، يعكس صراعًا على الشرعية والموارد، خاصة بعد خفض سعر الدينار الليبي وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
2 التداعيات المباشرة:
◦ تصعيد أمني: انتشار الدبابات وأصوات الانفجارات في طرابلس يشير إلى احتمال اندلاع مواجهات واسعة النطاق. توقف حركة الطيران وتعليق الدراسة يعكسان حالة طوارئ غير مسبوقة.
◦ فراغ القوة: مقتل الككلي يترك فراغًا في قيادة جهاز دعم الاستقرار، مما قد يؤدي إلى انقسامات داخل الجهاز أو صراعات على القيادة. هذا قد يضعف موقف حكومة الدبيبة أمام خصومها السياسيين والعسكريين.
◦ ردود فعل دولية: بعثة الأمم المتحدة دعت إلى خفض التصعيد وتجنب استخدام القوة، مما يعكس قلق المجتمع الدولي من انزلاق ليبيا إلى موجة عنف جديدة.
3 الدوافع الاستراتيجية:
◦ إضعاف حكومة الدبيبة: مقتل الككلي قد يكون محاولة لتقويض نفوذ الدبيبة، خاصة أن جهاز دعم الاستقرار كان أداة رئيسية لتثبيت سلطته في طرابلس. خصوم الدبيبة، سواء في الشرق أو ضمن الفصائل الغربية، قد يستغلون هذا الحدث للضغط عليه.
◦ إعادة تشكيل المشهد الأمني: الاشتباكات قد تكون جزءًا من محاولة لإعادة توزيع النفوذ بين الميليشيات، خاصة مع دخول قوات من مصراتة، التي لها تاريخ من التنافس مع ميليشيات طرابلس.
◦ التأثير الاقتصادي: سيطرة الميليشيات على طرابلس تؤثر على تدفقات النفط والموارد المالية، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية ويزيد من الضغط على المواطنين.

السيناريوهات المحتملة
1 تصعيد عسكري شامل:
◦ إذا فشلت جهود التهدئة، قد تشهد طرابلس معارك واسعة بين الفصائل المسلحة، خاصة إذا حاولت ميليشيات مصراتة أو غيرها فرض سيطرتها. هذا قد يؤدي إلى تقسيم العاصمة إلى مناطق نفوذ متصارعة، شبيهة بما حدث في 2018.
◦ التأثير: نزوح مدني، انهيار البنية التحتية، وتعطيل إنتاج النفط، مما يزيد من التدخلات الدولية.
2 تهدئة مؤقتة:
◦ قد تنجح وساطات محلية أو دولية في احتواء الوضع، خاصة إذا تدخل المجلس الرئاسي أو بعثة الأمم المتحدة. لكن هذه التهدئة ستكون هشة ما لم تُعالج الخلافات الجذرية بين الفصائل.
◦ التأثير: استمرار التوترات مع احتمال عودة الاشتباكات في حال ظهور قيادات جديدة تتنافس على خلافة الككلي.
3 انقلاب أو تغيير في السلطة:
◦ بعض التقارير تشير إلى احتمال انقلاب عسكري ضد حكومة الدبيبة، خاصة مع التحركات العسكرية الواسعة. إذا استغلت فصائل معارضة الفراغ الأمني، قد تحاول الإطاحة بالحكومة.
◦ التأثير: تغيير في موازين القوى السياسية، مع احتمال ظهور تحالفات جديدة أو تصعيد من حكومة الشرق بقيادة خليفة حفتر.
التوصيات الاستراتيجية
1 للحكومة الليبية (حكومة الوحدة):
◦ تعيين قيادة جديدة لجهاز دعم الاستقرار بسرعة لمنع انقسامات داخلية.
◦ فتح حوار مع الفصائل المسلحة، خاصة من مصراتة، لتجنب التصعيد.
◦ طلب دعم دولي لتثبيت الأمن في طرابلس، مع التركيز على نزع سلاح الميليشيات تدريجيًا.
2 للمجتمع الدولي:
◦ تعزيز دور بعثة الأمم المتحدة في الوساطة بين الأطراف المتصارعة.
◦ فرض عقوبات على قادة الميليشيات الذين يسعون للتصعيد، مع تقديم حوافز للالتزام بالتهدئة.
◦ دعم إعادة هيكلة القطاع الأمني في ليبيا لتقليل اعتماد الحكومة على الميليشيات.
3 للمجتمع المحلي:
◦ تشكيل لجان مجتمعية للضغط على الفصائل المسلحة لوقف الاشتباكات.
◦ توثيق الانتهاكات الأمنية لتقديمها إلى المنظمات الدولية، مما يعزز المساءلة.
الخلاصة
مقتل عبد الغني الككلي يمثل نقطة تحول خطيرة في المشهد الأمني بطرابلس…

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.