في تكملةٍ لرواية «القابلة في أوشفيتز» للكاتبة آنا ستيوارت، التي أسرت قلوب القراء بقصتها المؤثرة عن آنا كوشينسكا، القابلة البولندية التي أنقذت حياة عشرات النساء والأطفال في قلب معسكر الإبادة النازي أوشفيتز، تأتي رواية «القابلة في برلين» لتستكمل تلك القصة التي لم تقتصر على أهوال الحرب العالمية الثانية، بل تستمر في البحث عن العدالة والمصالحة في عالم ما بعد الحرب.
جمال قَتَّالَة
تدور أحداث هذه الرواية الجديدة في مدينة برلين سنة 1961، أي بعد حوالي عقد ونصف من نهاية الحرب العالمية الثانية، في وقت كان يشهد العالم تحولاً سياسياً كبيراً مع انقسام ألمانيا وبناء الجدار الشهير الذي قسم المدينة إلى شطرين، وأثر بشكل بالغ على حياة سكانها.
في هذه الرواية، نجد آنا وابنتها أوليفيا في مرحلة جديدة من حياتهن، حيث تحاولان إعادة بناء حياتهما الطبيعية بعد سنوات طويلة من المعاناة، ولكن شبح الماضي لا يزال يطاردهما، ليعود مرة أخرى ويهدد استقرار عائلتهما. وبالنظر إلى أن الرواية تجري في ألمانيا ما بعد الحرب، فإن أحداثها تركز على الصراع الداخلي الذي يعانيه الجيل الجديد، الذي ورث تبعات الحرب العالمية الثانية وندوبها العميقة.
الموضوعات التي تُعالج في «القبالة في برلين» تشمل ندوب الحرب وتأثيراتها الممتدة على الأفراد والمجتمعات، الأمومة كقوة مقاومة وشفاء، حيث تُسلط الضوء على دور الأم في حماية الأجيال القادمة رغم ما مر بها من ألم، البحث عن الحقيقة والعدالة وسط صمت المجتمعات وعدم الاعتراف بالأخطاء، التصالح مع الذات وبناء مستقبل جديد رغم الأعباء الثقيلة للماضي.
الرواية لا تقتصر على سرد حكاية مأساوية عن الماضي، بل تُركز على كيفية مواجهة تبعات ذلك الماضي في الحاضر، وعلى شجاعة النساء اللواتي يواصلن الكفاح من أجل الحفاظ على كرامتهن وحبهن رغم كل ما عايشوه من آلام ومعاناة.
آنا ستيوارت هي المؤلفة التي اختارت الأدب التاريخي وسيلة لسرد قصص إنسانية عميقة، إذ تتخصص في عرض تضحيات الأفراد في فترات الحروب، وتُظهر في أعمالها قدرة الشخصيات على التغلب على الأهوال التي تعرضوا لها في أعماق الصراعات الكبرى. تتميز أعمالها بأسلوب سردي جذاب يعكس الصراع بين العواطف والتاريخ، مما يجعلها واحدة من أبرز الكتاب في هذا النوع الأدبي.
كما هو الحال مع الرواية الأولى «القابلة في أوشفيتز»، حققت «القابلة في برلين» مبيعات ضخمة منذ إطلاقها، مما جعلها من الكتب الأكثر مبيعًا على مستوى العالم. وقد تم ترجمته إلى العديد من اللغات ولاقى استقبالاً حارًا من القراء والنقاد على حد سواء. بذلك، تواصل آنا ستيوارت تقديم روايات مدهشة تتناول صراع الأفراد مع التاريخ، وهو ما يجعل «القبالة في برلين» تكملة جديرة بالانتظار، وبالتأكيد ستستمر في جذب جمهور واسع من القراء حول العالم.
شارك رأيك