تُعبّر جمعية “تقاطع” عن دعمها الكامل وتضامنها المبدئي وغير المشروط مع مقهى “Biblio’Thé “، هذا الفضاء الثقافي المستقل الذي اضطلع، منذ تأسيسه، بدورٍ محوري في تنشيط المشهد الثقافي المحلي، وخلق مساحة بديلة للتعبير الفني والفكري، مفتوحة أمام جميع الفاعلين في الحقلين الثقافي والمدني.
وإذ تُثمّن الجمعية الجهود التي يبذلها القائمون على هذا الفضاء في سبيل تكريس ثقافة الحوار والإبداع، فإنها تُدين بشدة ما يتعرض له “Biblio’Thé ” من مضايقات أمنية متكررة، تمثّلت مؤخرًا في رفض تنظيم نشاط موسيقي داخل المقهى دون تقديم أي مبرّر قانوني، وهو ما يأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات السابقة، من بينها منع تنظيم أنشطة يُشتبه في طابعها السياسي، إلى جانب غلق المقهى خلال شهر رمضان، في خطوة لا يمكن تأويلها سوى كإجراء تعسفي وردعي لا يستند إلى أي أساس قانوني واضح.
تُحذّر جمعية “تقاطع” من خطورة هذه الممارسات التي تمسّ جوهر الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وعلى رأسها الحق في حرية التعبير والتفكير، المكفول بموجب الفصل 31 من الدستور التونسي، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والحق في حرية التجمع السلمي (كما ينص عليه الفصل 37 من الدستور التونسي، والمادة 21 من العهد ذاته)، والحق في المشاركة في الحياة الثقافية، وفق الفصل 42 من الدستور التونسي، والمادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إن استهداف الفضاءات الثقافية المستقلة وفرض رقابة غير معلنة عليها، يشكل مؤشرًا خطيرًا على تراجع الحريات في البلاد، ومحاولة لإعادة إنتاج منطق الوصاية والرقابة البوليسية على المبادرات المدنية والفنية، في انتهاك صارخ لالتزامات الدولة التونسية بموجب دستورها ومواثيق حقوق الإنسان التي صادقت عليها.
وبناءً عليه، تدعو جمعية “تقاطع” السلطات التونسية إلى التراجع الفوري عن كل أشكال التضييق المُمارسة ضد الفضاءات الثقافية المستقلة، وضمان حقّها في النشاط بحرية كاملة دون تدخل أو رقابة مسبقة.
والتأكيد على تمكين الفاعلين الثقافيين والمدنيين من تنظيم تظاهرات فنية وثقافية، بل وسياسية، وفقًا لما يكفله القانون والمواثيق الدولية من حقوق.
كما تدعو إلى فتح حوار شفاف وفعلي بين الدولة والمجتمع الثقافي والمدني حول ضمانات الحريات الثقافية وحرية التجمع والتنظيم.
الثقافة ليست جريمة، بل هي حقّ أصيل، ولا مستقبل يُبنى دون فضاءات حرّة، مستقلّة، ومتعدّدة تفتح باب الحوار والنقاش وتُنصت لكل الأصوات المختلفة.
شارك رأيك