عمليّة إلياس رودريجيز يمكن أن تتكرّر ما دامت الحرب على غزة قائمة

العملية التي قام بها الشاب الأمريكي إلياس رودريجيز إنما تعبّر عن غضب عارم لما يجري في غزة اليوم من إبادة جماعية، وهي رسالة واضحة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تكاسل عن الوفاء بوعده حينما تعهّد بإنهاء الحرب في غزة، وهي كذلك رسالةٌ للعالم بأن يتحرك لأن  إسرائيل قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء ولم يعد لديها المبرر لقتل الأطفال والنساء، وأن الوقت قد حان لوقف جميع العمليات العسكرية في هذه القطعة الصغيرة من الأرض التي تعرّضت لكل أنواع الصواريخ والقنابل الفسفورية والصوتية وغيرها مما استعملته إسرائيل العنصرية والنازية، وجعلت حربها نزهة عسكرية يتسلى فيه الجنود المرعوبون والمرضى النفسانيون بقتل الرضع والأطفال والنساء والخائفون من مواجهة الأبطال المقاتلين من حماس.

فوزي بن يونس بن حديد

وما هذه العملية إلا نزر يسير لما يمكن أن يحدث في أمريكا من انفجار وغضب عارم بين أوساط المسلمين، ويمكن للشباب الأمريكي المسلم والعربي أن يفجر الأوضاع ويتخذ الشاب إلياس قدوة له في التعبير عن رأيه وإلحاق الأذى باليهود في أمريكا وفي أي نقطة من العالم ما دامت الحرب على غزة قائمة لأن إسرائيل قد طغت واعتلت منبر القتل العمد والمتعمد وعن سبق إصرار وترصد، واستفزت مليار مسلم في عملياتها العسكرية.

 ولن يطول الصمت العربي والإسلامي والحرّ على جرائم إسرائيل الكبرى في المنطقة، بل ستشهد على الأرجح عمليات أخرى داخل أمريكا وغيرها من البلدان التي دعمت إسرائيل وأصرت على الدخول في نفق مظلم تسوده القوة الغاشمة وإنهاء القانون الدولي الإنساني عبر ما تقوم به إسرائيل وما يصرح به وزراؤها المتطرفون العنصريون من أنه يجب إبادة كل نفس فلسطينية حية في غزة والضفة، وأن يد هذه الدولة العنصرية مطلقة ومشرعة أن تفعل ما تشاء كما يقول زعيمها المتطرف بنيامين نتنياهو.

أمريكا ما زالت تزوّد هذه الدولة العنصرية بالأسلحة

ورغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد زار الخليج في الفترة الأخيرة، واستمع إلى آراء الزعماء السياسيين الذين أبلغوه أن غزة تعاني اليوم من دمار وقتل، وأن الوقت حان لإدخال المساعدات الإنسانية الفورية وإيقاف هذه الحرب البشعة، ورغم أنه حصل على ما يريده من تريليونات الدولارات التي يفتخر بالحصول عليها في كل مناسبة حتى في وجوده في الطائرة الرئاسية، ومنحه طائرة فاخرة هدية له إلا أن كل ذلك لم يشفع لغزة أن يتخذ قرارا نهائيا بإيقاف الحرب ولم يوف بوعده عندما بادرت حماس بالإفراج عن ألكسندر عيدان الأسير الأمريكي الذي قامت الدنيا بسببه في تلك الفترة.

وبقي الدور الأمريكي ضعيفا ويترنح بين التصريح بتعنت نتنياهو والخوف من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم أن بريطانيا وفرنسا وكندا وإسبانيا وإيرلندا وغيرها من الدول الأوروبية اتخذت قرارات مهمة في الأيام الأخيرة تعبيرا عن رفضها الإبادة الجماعية والعنصرية المقيتة التي تمارسها إسرائيل، فإن أمريكا ما زالت تزوّد هذه الدولة العنصرية بالأسلحة والعتاد لضرب المواقع المدنية في غزة، ومازالت تراوغ وتمارس ازدواجيتها المعهودة في التعامل مع الموضوعات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، القضية الإنسانية الأولى التي ينبغي أن تحل اليوم قبل الغد.

وما دامت أمريكا لا تحرك ساكنا أو أنها تراوغ لتبقي القضية تراوح مكانها، والأطفال يموتون كل يوم جوعا وعطشا وقتلا في مشاهد مرعبة فإني أبشّرها بعمليات نوعية مثل عملية إلياس رودريجيز أو أعقد منها لملاحقة الصهاينة أينما كانوا على أرض أمريكا حتى تكف الولايات المتحدة الأمريكية عن مساندتها المطلقة لإسرائيل وتنتبه إلى القانون الإنساني الدولي الذي طالما دعت إلى إرسائه في العالم بعد الحرب العالمية الثانية والدمار الشامل الذي لحق بالعالم آنذاك.

الرئيس الأمريكي يمنح الضوء الأخضر لإسرائيل

 فهذه الصورة القاتمة التي تأتي من فلسطين إنما تعبر عن الظلم الحالك الذي تشبع به نتنياهو من السياسة الترامبية في الولايات المتحدة الأمريكية واستناده إلى الضوء الأخضر الذي منحه الرئيس الأمريكي الحالي لإسرائيل في أن تفعل ما تشاء بالفلسطينيين، تجوّعهم، وتطردهم، وتلاحقهم، وتقتلهم، وتقصفهم، وتدمّر منازلهم، وتحرمهم من الحياة، وفي ذلك كله تعتبر أن ما تقوم به دفاع عن النفس.

وعندما فشلت إسرائيل في القضاء على المقاومة في غزة، لجأت إلى أساليب أخرى غير إنسانية ولا قانونية، مما حرّك العالم كله ضدها وضد الولايات المتحدة الأمريكية التي غضّت بصرها عما يجري في القطاع رغم تريليونات الدولارات التي استحوذ عليها ترامب بالقوة الناعمة، وهو يمارس القوة القاتلة ضد الفلسطينيين ويحرمهم من أبسط حقوقهم أن يعيشوا على أرضهم أحرارا ويطردوا المستعمر الصهيوني الجاثم على قلوبهم.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.