الأستاذ بن غازي يهنىء المحامية السجينة سنية الدهماني بعيد ميلادها

استهل الاستاذ المحامي سامي بن غازي تهنئته ب:


“عيد ميلاد سعيد، سنية”. سنية الدهماني معتقلة الرأي التي تقبع منذ ما ينيف عن عام وراء قضبان سجن النساء بمنوبة، تطفىء اليوم شمعتها الستين،
و رغم انها في السجن، كل من عرفها أو عابر سبيل على قارعة صفحات التواصل الإجتماعي قام اليوم بتهنئتها. و في ما يلي نص التهنئه الذي دونه الأستاذ بن غازي:

“في زاوية صامتة من السجن، تمضي سنية الدهماني عامها الأول بين جدران لا تعرف سوى العزلة، امرأة واجهت المحن بوجه مكشوف، وأم غاب عنها دفء ابنتها، ومحامية لم تكن خصمًا سوى للظلم.

ومع ذلك، ومن خلف الأسلاك، لم تنقطع عن الحياة، فقد طلبت رسميًا عبر إدارة السجن إعداد كعكة عيد ميلادها في ورشة المرطبات الخاصة بالسجن من يد سجينات أخريات، كعكة بسيطة لكنها تُشبهها: صامتة، حلوة، وتقاوم النسيان بطريقتها الخاصة.

ستتقاسمها مع خمس نساء يشاركنها الزنزانة، نساء يتقاسمن معها ما هو أثقل من الخبز، الصبر، وهي تعرف قصصهن جيدًا، ولا تضع عليهن أوسمة المظلومية، لكنها ترى في وجوههن شيئًا من هذا الوطن الموجوع وترى في كل واحدة جانبًا من وجع أنوثة ضاعت بين فصول العدالة والخطيئة.

وأنا أزورها بين الحين والآخر، لا أحمل لها أكثر من بعض الأخبار وبعض الطمأنينة، وأغادر في كل مرة محمّلاً بشيء من قوتها الهادئة، وبين الكلمات المتقطعة والأسوار العالية تظل إنسانًا يحسن الانتظار دون أن يتنازل، وتصر على أن تبقى وفية لذاتها حتى في أضيق الأمكنة.

وعيد ميلادها في هذا السياق ليس احتفالًا بقدر ما هو تذكير بأن الزمن لا يتوقف وأن الحياة تسير رغم كل شيء، وفي قلب تلك الحياة تمضي ابنتها وحيدة في عالم لا تنتبه فيه الأيام لمن ينقص، تكبر دون عناق وتتعلّم أن الأمومة قد تُغتال بالسياسة لكنها لا تُمحى من القلب.

كل عام وأنتِ، سنية، أقرب إلى الحياة التي تشبهك، هادئة، أبية، وعنيدة.

توحّشنااك…”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.