ألفة الحامدي: “التناقض التشريعي يهدد وحدة الجهاز الأمني للدولة”

نص البيان/ في إطار التزام حزب الجمهورية الثالثة بضمان سلامة المنظومة القانونية التونسية وحماية الأمن الوطني، نود لفت انتباه مؤسسات الدولة إلى تناقض تشريعي خطير يهدد وحدة الجهاز الأمني للدولة ينشأ عن تطبيق القانون عدد 9 لسنة 2025 المؤرخ في 21 ماي 2025 المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة.

يخلق الفصل الثامن من هذا القانون، الذي يفرض الترسيم الآلي في القطاع العام للأجراء المستخدمين في إطار مناولة اليد العاملة، تناقضاً مباشراً مع القانون عدد 70 لسنة 1982 المتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي.

هذا التناقض يؤدي عملياً إلى إنشاء قوات أمنية موازية داخل الدولة خاضعة لقيادة ادارية أو نقابية خارج إطار وزارة الداخلية، مما يخل بمبدأ وحدة القيادة الأمنية المنصوص عليه في الفصل الثاني من القانون عدد 70 لسنة 1982.

إن هذا الوضع ينتج فئتين من العاملين يؤدون نفس المهام الأمنية الحساسة داخل الدولة بمعايير مختلفة تماماً: فئة خاضعة للشروط الصارمة المنصوص عليها في الفصل 24 من القانون عدد 70 لسنة 1982 وتؤدي اليمين القانونية أمام رئيس المحكمة الابتدائية وفقاً للفصل السادس و هم أعوان الأمن الداخلي، وفئة أخرى تقوم بنفس المهام الأمنية و تحصل على نفس الصلاحيات الأمنية عبر الترسيم التلقائي دون أي من هذه المتطلبات و الشروط الصارمة.

هذا الانقسام يدمر التسلسل الهرمي الأمني ويخلق تضارباً في الولاءات المؤسسية والقيادة التشغيلية.

إن الفرق الجوهري بين العمل السابق لأعوان الحراسة مثلا كمقاولين والترسيم المباشر واضح قانونياً: العمل تحت الإشراف يبقي المسؤولية والقيادة في يد الأعوان المؤهلين قانونياً، بينما الترسيم المباشر يمنح صلاحيات أمنية مستقلة دون التأهيل المطلوب، مما يخالف مبدأ التدرج في المسؤوليات الأمنية المنصوص عليه في الفصل 46 من القانون عدد 70 لسنة 1982.

هذا التناقض لا يقتصر على قوات الأمن الداخلي و المنشآت الامنية و العسكرية بل يشمل جميع المنشآت الحساسة والحيوية و المؤسسات العمومية للدولة: الموانئ والمطارات والمنشآت الطاقوية والمؤسسات الحكومية ذات الصبغة الصناعية و التجارية و الفلاحية.

تطبيق الترسيم التلقائي على هذه القطاعات العمومية يضع الأمن الوطني والبنية التحتية الحيوية تحت إدارة أمنية مجزأة وغير موحدة و يهدد سلامة الإطار التقني و المهني المنظّم لهيكل الأمن القومي و الذي تمّ بناءه و ضمان استقراره على مدى عقود من العمل.

هذا إضافة إلى أن تطبيق هذا القانون يمكنه تعطيل بروتوكول التعامل و التغيير الدوري لكل العاملين المتداخلين في منظومة الأمن القومي و يهدد سلامة المعطيات الحساسة داخل هذه المؤسسات.

إن هذا الوضع يشكل تهديداً مباشراً لوحدة الدولة الأمنية ويتطلب تدخلاً عاجلاً.

يوفر الفصل الرابع من المرسوم عدد 78-50 لسنة 1978 المنظم لحالة الطوارئ الأدوات القانونية اللازمة لمعالجة هذا التناقض بصفة وقتية من خلال “تسخير الأشخاص والممتلكات الضرورية لحسن سير المرافق العمومية والأنشطة ذات المصلحة الحيوية”، بينما يتيح الفصل الخامس اتخاذ الإجراءات ضد أي نشاط “خطر على الأمن والنظام العام”.

إن حالة الطوارئ المعلنة والمجددة حتى 31 ديسمبر 2025 تتيح الفرصة لاستخدام هذه الصلاحيات لحماية وحدة الجهاز الأمني وضمان عدم تطبيق أحكام الترسيم التلقائي على القطاعات الأمنية والمنشآت الحساسة و المرفق العام، و وضع استثناء شامل لجميع المؤسسات الحكومية والمنشآت العمومية لحماية الأمن الوطني وسلامة المنظومة القانونية للدولة التونسية إلى حين تعديل القانون عدد 9 لسنة 2025 بما يضمن سلامة الأمن القومي.

الفة الحامدي
رئيسة حزب
الجمهورية الثالثة

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.