حلُّ جامعة الدول العربية مطلب شعبي

جاءنا للتوّ خبر عاجل مفاده بأن جامعة الدول العربية قد تعرضت للاغتيال وأن أمينها العام أحمد أبو الغيط قد فجّر نفسه أثناء مرور موكب الجامعة عندما صرّح لصحيفة إسبانية قائلا إن قطع العلاقات مع إسرائيل ليست سياسة حكيمة، وهو في حالة غير مستقرة وفي العناية المركزة بل إن حالته وحالة الجامعة خطيرة جدا وقد تزداد خطورة في الأيام القادمة إذا لم يسيطر الأطباء المحترفون على النزيف الحاد الذي حصل لها أثناء ارتطامها بجدار الصهيونية والامبريالية العالمية والماسونية.

فوزي بن يونس بن حديد

جامعة الدول العربية تأسست قبل خمسة وسبعين عامًا وتضم أغلب الدول العربية التي بقيت في حالة فراق وخلاف دائم، لم يكن لها دور فعال في أي من الأحداث الساخنة التي حصلت خلال الفترة الماضية سوى صدور إدانات ومطالبات على الورق لم تتعداه، بل لم تستطع ولم تجرؤ على اتخاذ قرار يقطع أصابع إسرائيل في فلسطين وفي المنطقة، بل تراخت حتى استوعبتها إسرائيل بالكامل واحتوتها وجعلتها ألعوبة في يدها، فكلما اجتمع العرب أرسلت لهم إسرائيل ما يُسكتهم، بل وهددتهم إذا لم يسكتوا.

اسمها جامعة ولكنها غير جامعة، تنظر إلى قضايا الأمة من الشرفات وكأن الأمر لا يعنيها، وتنتظر ضوءا أخضر من أمريكا حتى تصدر قرارات وبيانات عشوائية غير مدروسة، وحتى تجتمع على كراس مهترئة وتسبح في بحر من الأوهام والشكوك والاتهامات التي لا مبرر لها سوى أنها تسير في الظلام.

بروتوكولات وشكليات لا فائدة مرجوة منها

يبدو أن الدول العربية اليوم لم يعد لديها اهتمام بما يسمى جامعة الدول العربية بل إن كثيرا منها يعتقد بأن الاجتماعات التي تمت وتوقفت ثم استؤنفت ثم توقفت تدريجيا لم تكن سوى بروتوكولات وشكليات لا فائدة مرجوة منها وينفض سامرها على اختلافات عميقة أكثر مما كانت حتى إن بعض الرؤساء لا يحضرون هذه الجلسات لأنها فارغة المضمون.

فما عساها أن تفعل جامعة الدول العربية  في القضية الفلسطينية أكثر مما فعلته خلال 75 عاما وهي تكتوي بنار إسرائيل التي أحرقت المنطقة وتسرح وتمرح في القدس الشريف وتنتهك أعراض مليار مسلم وتدنس أقدس الأماكن وهو القدس الشريف، وبن غفير يرقص على أعتابه ونتنياهو يتفاخر بالنفق الذي صُمم تحته، وقطعان المستوطنين يرقصون ويرفعون أعلامهم الوسخة على أبوابه، وكأنهم يقولون للمسلمين عدنا فما أنتم فاعلون؟

فأين الشهامة؟ وأين الكرامة؟ وأين الحميّة؟ وأين صفات العُرب والمسلمين التي طالما تغنّى بها الشعراء والفقهاء والمحدّثون والمؤرخون؟ أين من كان حين تصرخ امرأة في الشرق يستنفر المسلمون قواتهم من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب لاستغاثتها كما فعل الإمام الصلت بن مالك مع الزهراء التي استنجدت به لتحرير جزيرة سقطرى، فكتب التاريخ هذه القصة بحروف من ذهب وعلّمت المسلمين معنى نصرة المستضعفين في الأرض إذا تعرضوا لاعتداء من الصليبيين واليهود.

وما زال العرب يعلقون الأمل على جامعة الدول العربية، وما زالت بعض الدول ترى نفسها من خلال هذه النافذة المغلقة التي باتت أشبه بمدينة أشباح دمّرتها أعاصير ما يسمى بحرب غزة، وما زال أمينها العام يختلس الجلسات محاولا رأب الصدع أو الشرخ أو سمّه ما شئت الذي حصل بين أعضائها، لكن محاولاته باءت بالفشل وبقي حائرا في الوسط أيَّ الأطراف يُرضي، فإذا مال لحال المطالبين بوقف الحرب على غزة تصدى له أذناب الصهيونية العالمية ونزعوا منه حصانته العربية.

الوضع العربي يشهد مآسي وتطورات خطيرة

وبعد هذه الفاجعة العربية والنكبة التاريخية، صرنا في وضع لا يحسد عليه، شقاق وعدم وفاق بين جميع الدول العربية، فمن كان السبب في هذا البلاء الذي أصاب العرب؟ ومن شتت شملهم؟ ومن أحدث شرخا في صفهم وزعزع وحدتهم؟

الوضع العربي يشهد مآسي وتطورات خطيرة، وتوسعا وتفاقما في الصراعات يوما بعد يوم، تغذيه شعارات متطرفة تريد النيل من هيبة الدول وزعزعة استقرارها وترويع أبنائها، وإن جامعة الدول العربية لم تحقق للعرب سوى الحروب والدمار، اهتزت هيبتها وأصبحت مكشوفة للجميع وتعرّت وظهرت سوأتها ولم تعد تجذب الناظرين بل أصبحت تلف نفسها بصور البؤس والفزع والدمار والخراب.

ولم يفهم العرب إلى اليوم أن عدوّهم الأوّل والأخير هو إسرائيل التي لا تحترم بشرًا ولا تقدّر مبادئ ولا قيمًا وإنما تكرّس روح العنصرية والنازية والقتل المتعمد لكل ما هو عربي، وانتظروا أيها العرب النكسة الكبرى بهدم المسجد الأقصى بعد أن تفاخر نتنياهو وهو يتجوّل في النفق الذي صُمّم تحته إيذانا بحرب أخرى ضد المسلمين والعرب.

ولذلك ترنو الشعوب العربية إلى حلِّ هذه الجامعة واستبدالها بأي كيان يحفظ ماء وجه العرب أمام هذه النكبات والنكسات المتتالية، التي لم يعرف العرب في تاريخهم مثيلا.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.