هل ستتمكن إسرائيل من إسقاط النظام الإيراني واغتيال خامنئي؟

لقد أثلجت الجمهورية الإسلامية الإيرانية صدور الملايين من المسلمين في العالم الذين ينتظرون دكّ تل أبيب بالصواريخ الثقيلة وإلحاق الأذى الكبير بقلب إسرائيل، بعد الضربة الموجعة والمفاجئة التي وجّهتها إسرائيل لإيران فجر الجمعة واغتالت على إثرها كبار القادة في إيران، وعلماء نوويين، وألحقت دمارًا ببعض البنى الأساسية، وافتخر نتنياهو بالضربة وظن أنها قاصمة وستوقف إيران عن الرد عليها، ولكنها فوجئت طوال ثلاثة أيام بالرد القوي والمتماسك من قوات الحرس الثوري الإيراني ومن البحرية الإيرانية الذي هزّ إسرائيل من شمالها إلى جنوبها، وخفّف الثّقل الكبير على غزة الجريحة التي عانت وما زالت تعاني من ويلات الإجرام الصهيوني. (الصورة : أحياء في إسرائيل دمرها الطيران الإيراني بالكامل.).

فوزي بن يونس بن حديد

واليوم وبعد هذه الضربات المتقنة والموجهة بشكل دقيق وبقنابل تصل إلى طن وأكثر يتبين لإسرائيل أن إيران دولة قوية وهي من لعبت بالنار وعليها أن تتحمل عواقب ما فعلت وما أقدمت عليه.

ورغم ثقل حجم المصيبة في إيران التي حلت بها، إلا أنها استطاعت أن تستوعب الصدمة وتلملم أوراقها بسرعة شديدة، وينبغي عليها اليوم أن تتصرف مع إسرائيل وأمريكا بأنهما عدوّان إثنان ووجهان لعملة واحدة ولا تقبل بالمفاوضات التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم في تصريحات مثيرة أخرى لاستجداء إيران ووضعها في فخ آخر قد يكلفها الكثير، والمثل يقول، لا يُلدغ المؤمن من جحره مرتين.

 فيكفي ما فعله ترامب في الضربة الأولى حتى يستميل إيران في المرحلة الثانية ويوقعها في دوامة جديدة، ويبدو لي أن إيران تعلمت الدرس جيدا بعد الاضطراب الذي حصل يوم الجمعة الماضي، وتبحث في مسألة اختراق منظومة الأمن والوصول إلى مثل هذه الشخصيات الكبيرة في وقت واحد وتدمير منظومة الرادارات والمنظومة الدفاعات الجوية أو تعطيلها، مما أخّر الرد الإيراني أو اعتراض المقاتلات الصهيونية التي اخترقت الأجواء العربية للوصول إلى الأراضي الإيرانية.

شُلت الحياة بالكامل في إسرائيل

وستسعى إسرائيل بكل السبل الممكنة والمتاحة لديها إلى إسقاط النظام الإيراني وهو مبتغاها، ولعلها تحضّر لعملية كبيرة، ولا أستبعد ذلك بعد أن تلقت ضربات موجعة في الداخل الصهيوني وتعطلت بموجبها الدراسة والطيران، وشُلت الحياة بالكامل، لا سيما وأن اللاعب اليمني كان حاضرا فسدد صواريخ أخرى بينما كانت إسرائيل تدعو مواطنيها إلى الخروج من الملاجئ بعد انتهاء خطر الصواريخ الإيرانية ليضع الصهاينة بين كرّ وفرّ من الملاجئ وإليها، وإذا استمر الحال وقتا طويلا فإن إسرائيل ستستغيث بالقوة الأمريكية وتدعوها للتدخل لإنقاذها، وهنا ربما تشتعل حرب أخرى بين أمريكا والقواعد العسكرية الأمريكية بالمنطقة. وستبحث إسرائيل في مسألة اغتيال آية الله خامنئي الذي تعتبره عصب السياسة في والرأس الأساس في إيران والبوصلة التي تسير عليها السياسة والأمن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وتعتقد إسرائيل بأنها ستصل إلى خامنئي، وستغتاله كما اغتالت نصر الله بعد أن نجحت في اغتيال أكبر قادته في عمليات نوعية أظهرت مدى الخيانة والجوسسة والعمالة داخل لبنان، والسيناريو نفسه يتكرر في إيران التي تعرضت للاختراق الصهيوني في أكثر من مرة، حيث اغتالت اليد الصهيونية إسماعيل هنية، والرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي وعلماء نوويين كثيرين، كل ذلك كان باختراق منظومة الأمن الإيرانية عبر عملائها وجواسيسها، وقد يتكرر المشهد مع خامنئي -لا قدر الله- إذا لم تعمل إيران في حسبانها أن إسرائيل تسخّر كل قدراتها الاستخبارية والعملانية من أجل الوصول إلى هذه الشخصية الكبيرة في إيران وإرباك المشهد السياسي وإحداث اضطراب بالمجتمع الإيراني وتأليب الشعب على الحكومة لإسقاطها وإسقاط نظام الثورة الإسلامية الذي امتد لأكثر من 45 عاما.

غليل الإيرانيين لم يُشف بعدُ

ولسائل أن يسأل، لماذا يصرّح ترامب الآن بضرورة الرجوع إلى المفاوضات ومحاولة إغراء إيران مرة أخرى أن الاتفاق بينها وبين أمريكا ممكن، ويمكن أن تضغط على الوسيط العُماني للتحضير لذلك، لكن يبدو أن الإيرانيين الموجعين غير مستعدين في الوقت الراهن لأن غليلهم لم يُشف بعدُ من الانتقام والثأر لأرواح بريئة هزت المجتمع بأكمله في صبيحة يوم الجمعة، مما أثار حفيظتهم وينتظرون اللحظة التي يمكن أن توجه فيها القوات الإيرانية ضربة قاصمة للعدو الصهيوني. أو لأن ترامب تفاجأ بالرد الإيراني القوي الذي لم يكن في حسبانه بعد النشوة الأولى وأراد أن يخفف الضغط على الصهاينة لرد أنفاسهم وبلع ريقهم من هول وشدة ما رأوا، لكن ينبغي على إيران اليوم أن تواصل المشوار بنسق مختلف، وأن تحافظ على قياداتها العليا بأقصى ما يمكن حفاظا على السّلم الأهلي والمجتمعي، والتماسك الداخلي.

لكن نتنياهو ما زال يهدّد إيران ومنشآتها النووية في جميع أنحائها، ويبدو أن الحرب ستستعر في إيران وقد تتسع إذا تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا إلى جانب إسرائيل لإسقاط النظام الثورة في إيران أو المشاركة في الحرب الدائرة لإضعاف إيران، والأيام القادمة كفيلة بالكشف عما يكنه ترامب لإيران من مفاجآت.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.