بيان تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين في تونس “أثناء الوقفة الجماهيرية يوم أمس” (وثيقة)

الصورة للصحفي المصور ياسين القايدي
“التحية، كلّ التحية، لمن يسطّرون منذ عشرين شهر، ملاحم البطولة والمجد، ويخطّون معاني الكرامة والشموخ فوق وتحت أراضينا المحتلّة في فلسطين الأبيّة، وغزة العزة تحديدا .

“التحية، أولًا وآخرًا، لشعبنا الباسل الصامد المقاوم، وهو يواجه آلة الحرب الصهيوأمريكية، ويكسر صخور الهزيمة على رؤوس أصحابها.
الإجلال والإكبار لأنبياء هذا العصر، أولئك الذين يرسمون الطريق نحو الحرية بسواعدهم، ويحفرون أنفاق النصر بأظافرهم، ويدفعون ثمن الانعتاق من لحم أطفالهم وأشلاء نسائهم ورجالهم.

“أما بعد،
ولأن بوصلتنا في تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين معلومة، ووجهتنا لا تشير إلى غير فلسطين، باعتبارها مركز الصراع مع القوى الإمبريالية والاستعمارية، لم يكن أمامنا سوى تكثيف النضال منذ لحظة السابع من أكتوبر المجيد، ومنذ انطلاق طوفان الحق الذي اجتاح كيان الاحتلال.
ولم يكن لنا من خيار سوى التصعيد بما نستطيع في وجه العدوّ وأجهزته وأذرعه، متخذين من مقولة “وراء العدو في كل مكان” نبراسًا لعملنا.

“ونحن نستقبل اليوم قافلة الصمود لكسر الحصار على غزة، لا بدّ أن نستذكر، معًا، ما رسمناه لها من أهداف، وما حققناه من إنجازات، وما أخفقنا فيه أيضًا.

إنها قافلة تستحضر تاريخًا طويلًا من النضال المشترك، والاشتباك المباشر مع هذا العدوّ الغادر.
“هي قافلة الشهيد محمد الزواري، و الشهيد عمران المقدمي، و بليغ اللجمي، و رياض بن جماعة، و عمر قطاط، هي قافلة الشهيد ميلود بن ناجح نومة… وكل شهداء تونس والمغرب العربي الذين وُروا الثرى ورووه بدمائهم على درب تحرير القدس وفلسطين وكل الوطن العربي.

“هي قافلة تردّ الاعتبار لشهداء حمام الشط، وشهداء جنوب لبنان، و اليمن العزيز، ومصر الكريمة، وسوريا العروبة، ولشهداء ليبيا الأبية، وجزائر المقاومة، وكذلك لشهداء ايران التي تتصدى اليوم ببسالة لعدوان الصهاينة والأمريكان… بل ولكل أحرار العالم الذين يقفون معنا وبيننا، من أجل أن نحيا معهم في عالم خالٍ من الاضطهاد، والاستعمار، والاستغلال.

“اخترناها قافلة شعبيّة، تستنهض الهمم، وتجدّد العهد، وتذكّر بالمشترك والجامع، وتكسر حدود سايكس-بيكو ومؤتمر برلين وكل الاتفاقيات الاستعمارية.
“اخترناها قافلة جماهيرية تكسر الحصار عن أهلنا في غزة، وتعيد الريادة وزمام المبادرة لأصحابها.

“ولأن إرادة الجماهير لا تُكسر، فإن قافلتنا لم تُكسر. أرادوا لنا أن نتعود على مشاهد القتل والدمار، وأن ننام على كوابيس أشلاء أطفالنا الممزقة… اعتقدوا أنهم سيذلوننا بشعورنا بالعجز عن انقاذهم وأننا سنتجرع طويلا في أعماقنا مرارة الاحساس بالهزبمة… فكانت قافلتنا صرخة مدوية وانتفاضة عملية على ما أرادوا…

“لم نصل إلى معبر رفح عبر البرّ، لكننا وصلنا إلى ما هو أهم: الى أعماق قلوب أهلنا في غزة، وكسرنا الحدود المصطنعة المفروضة علينا وعليهم في طريقنا إليهم.
“لم نصل إلى غزة الجغرافيا، لكننا أثبتنا أن فلسطين أقرب إلينا مما ظننا وظن أعداؤنا.

“لقد مثّل تاريخ 9 جوان 2025 لحظة فارقة في مسار الفعل النضالي الجماعي المسند لفلسطين.
ورغم العراقيل والصعوبات التي واجهتنا منذ البداية، تجرّأنا.
ورغم ثقل المسؤولية السياسية والأخلاقية التي وُضعت على كاهلنا، تحمّلنا.

“ولم يكن ذلك ممكنًا لولاكم؛ لولا هبّتكم العظيمة لنصرة فلسطين وشعبها.
ولم يكن ممكنًا لولا مساهمة الإخوة الجزائريين والموريتانيين تنظيمًا ومشاركة.
“ولولا حفاوة الاستقبال في ليبيا الكرم والعزّ، التي غمرتنا وأحسنت إلينا، فلم نشعر لحظة بأننا غادرنا أهلنا وأرضنا.
ولم يكن ذلك ممكنًا، لولا إصرار الرفاق والرفيقات، والأصدقاء والصديقات، على إنجاح هذا الموعد النضالي المشترك.

فشكرًا لكم على كل التضحيات التي قدّمتموها.

نستقبل قافلة الصمود والأبطال، نرحّب بهم بيننا من جديد، ونجدّد معهم العهد والميثاق: أن ننتصر، دائمًا وأبدًا لفلسطين،أن نكون أوفياء للوعد، وأن نواصل طريق النضال المشترك حتى نبلغ التحرير، أو نُوارى الثرى ونحن نحاول.

وحتى يحين ذلك اليوم، لن نكل أو نمل عن تنظيم التظاهرات ومبادرات الاسناد للصامدين في فلسطين. وفي هذا الاطار، وإذ تذكر تنسيقية العمل المشترك بمطالبها الأساسية الثلاث التي رفعتها منذ بداية حرب الابادة الصهيونية، ونلتزم بمواصلة النضال من أجلها وهي: سن قانون تجريم التطبيع، وقف التعاون العسكري والأمني مع دولة العدو الأمريكي وطرد سفراء الدول المتواطئة، وعلى رأسها سفير دولة العدو الأمريكي.. فإننا نعلن اليوم عن إطلاق المبادرة الشعبية:

“مليون توقيع من أجل تجريم التطييع. والتي نريدها أن تتحول الى طوفان شعبي من التواقيع على العريضة التي سننشرها قريبا على صفحتنا، ومن التظاهرات الداعمة لهذا المطلب.. حتى تستجيب له السلطات في تونس.

في انتظار اتضاح ملامح المبادرات المقبلة لكسر الحصار عن غزة، نعول على ما أثبته شعبنا العظيم من وعي قومي وإنساني ومن حماس منقطع النظير للانخراط بكثافة في إنجاح حملة مليون توقيع من أجل تجريم التطييع.

“ختاما، هذا عهدنا لأطفال غزة ولكل شهداء مسيرة تحرير فلسطين: إنا باقون على العهد. إنا باقون على العهد.

عاشت فلسطين حرّة من نهرها إلى بحرها.
عاشت مقاومتها الباسلة مدافعة عن آخر قلاع الإنسانيّة.
وعاش شعبها البطل صابرًا مثابرًا حتى نيل حريته كاملة دون نقصان”.

المجد للشهداء، الحرية للاسرى والنصر للمقاومة!

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.