لا عدالة في وطن يسكت عن الظلم
ببالغ الحزن والغضب، تلقينا نبأ وفاة الشاب حازم عمارة، من مواليد سنة 2000 وأصيل مدينة قرمبالية، الذي فارق الحياة في ظروف مهينة وغير إنسانية داخل سجن بلي، بعد أقل من ثلاثة أسابيع فقط من إيداعه فيه رغم وضعه الصحي الحرج المعروف مسبقا.
لقد كان الفقيد يعاني من مرض السكري وأجرى عمليات قلب مفتوح، ما كان يفرض تعهّدا طبّيا خاصا ومستمرا. ورغم كل المناشدات التي تقدّمت بها والدته، من أجل الإفراج عنه أو على الأقل توفير الرعاية اللازمة ونقله إلى مستشفى الرابطة حيث يوجد ملفه الطبي، فإن كل ذلك قوبل بالإهمال واللامبالاة القاتلة.
ووفق رواية العائلة، فقد تم الاتصال بأحد أقارب الفقيد لإعلامه بأن حازم يعاني من أزمة صحية ويطلب زيارة والدته. وعند وصول والدته إلى المستشفى، علمت من أحد النزلاء أن ابنها توفي بعد أن تقيّأ لفترة طويلة دون تلقّي أي إسعاف أو اهتمام.
إن ما حصل مع حازم ليس حادثا معزولا، بل هو حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي طالت شباب هذا الوطن الذين دفعوا حياتهم ثمنا للظلم والتعذيب والإهمال، دون محاسبة أو مساءلة.
ونذكّر في هذا السياق بأسماء عديدة لضحايا الإفلات من العقاب، الذين أصبحوا رموزا للصراع من أجل العدالة:
عبد الرزاق الخشناوي، وليد دنقير، أيوب بن فرج، أنس وأحلام الدلهومي، خميس اليفرني، أنور السكفراني، أيمن العثماني، أحمد بن عمارة، هيكل الراشدي، عبد السلام زيان، عمر العبيدي، كريم السياري، محسن الزياني… والقائمة للأسف تطول.
إننا في الحزب الجمهوري نحمل الدولة التونسية مسؤولية هذه الوفاة، ونطالب بـ:
- فتح تحقيق عاجل، جادّ وشفاف لكشف ملابسات وفاة حازم عمارة.
- محاسبة كل من يثبت تقصيره أو تواطؤه في هذه الجريمة، مهما كانت صفته.
- تقييم عاجل لأوضاع السجون ومراكز الإيقاف في تونس، من حيث احترامها للكرامة الإنسانية وحقّ السجناء في العلاج والعيش الكريم.
- سنّ تشريعات واضحة تضمن رقابة فعالة واستقلالية في التعامل مع الانتهاكات داخل المؤسسات الأمنية والسجنية.
نحن أمام جرح مفتوح في ضمير هذا الوطن. إن السكوت عن هذه الجرائم هو تواطؤ، وإن التغاضي عن المحاسبة هو ضرب لمفهوم العدالة في مقتل.
الرحمة لحازم، والحرية لكل من يقاوم الظلم، والعار لمن يبرّر القمع.
يسقط الإفلات من العقاب.
وتحيا تونس الكرامة والعدالة.
الناطق الرسمي
وسام الصغير
شارك رأيك