سلاح حماس هو مثل سلاح حزب الله لن يُنزع منهما مهما حدث من أحوال وأهوال ما دام هناك محتل على الأرض، إذ تسعى الدول العظمى وإسرائيل إلى نزعه منهما وحصره في الدولة كما تدّعيان، والهدف ليس السلاح ذاته لأن ما عند حماس وحزب الله من السلاح لا يساوي شيئا أمام ما تملكه إسرائيل من ترسانة عسكرية كبيرة وعظيمة تملأ الآفاق وبدعم أمريكي وغربي غير مسبوق، بل الهدف هو نزع روح المقاومة من الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني وإبقاؤهما في حالة استسلام تام.
فوزي بن يونس بن حديد
يسعى الصهاينة و خدمهم في العالمين الغربي و العربي إلى نزع سلاح المقاومة لأن إسرائيل إذا أرادت التوسع والنفوذ لا ينبغي أن تجد أمام من يقاومها إرضاء لمستوطنيها ومتطرفيها الذين يعتقدون بأن دولة إسرائيل يجب أن تمتد من النيل إلى الفرات، وأن بسط إسرائيل يدها على القدس الشريف وبناء هيكلها المزعوم والوصول إلى النيل والفرات من أوكد الواجبات، وتعتبر أن هذه فرصتها ولا يمكن أن تفوّتها أو تضيّعها بعد حالة الجمود والضعف الشديد التي ظهر عليها العرب والمسلمون في هذا العصر.
أصحاب الأرض لن يستسلموا
وبينما استغرب اليهود أنفسهم من ردة الفعل الميّتة من المسلمين بعد ما فعلوا ما فعلوا بالفلسطينيين قتلًا وتجويعًا وتدميرًا وتهجيرًا، يجد المسلمون أنفسهم في حالة لا يُحسدون عليها من البهتة والخوف والتململ والتردّد، باغتهم اليهود بتصرّفاتهم ووضع ترامب الأغلال في أعناقهم، فلم يكد أحدهم ينطق بالحق أمامه بل تصرفوا كأن على رؤوسهم الطير، لا أحد تكلم وطالب وتحرّك من أجل إنقاذ أرواح بشرية تموت بين أيدينا كل يوم في مشاهد نراها ونسمع عنها، واندسّ العلماء والمثقّفون والدعاة وكبار القوم وراء ستائر من الحياء والخوف والتململ بينما كانت حناجرهم تصدح، وسيوفهم تُقعقع، وبنادقهم تدوّي أرجاء البلدان التي شهدت اضطرابات داخلية ومن بينها البلدان العربية مثل ليبيا وسوريا والعراق التي شهدت عبث ما يسمى بتنظيم داعش.
وظن الأمريكيون والإسرائيليون أن القوّة وحدها من يُخضع المقاومين على الأرض، ولكنهم نسوا أن أصحاب الأرض لن يستسلموا ولا يعترفون بقوة المحتل، بل يعتبر المقاومون أنفسهم أنهم أصحاب حقّ وأنهم سينتصرون في أي معركة رغم قلة سلاحهم وعُدّتهم وعددهم، وهذا ما أثبته التاريخ منذ القدم، والشواهد على ذلك كثيرة، وأي مقاومة حقيقية لا تفرّط في سلاحها مهما كان لأنها تعتقد اعتقادًا جازمًا أن تسليمها السلاح أو نزعه منها يعني نهايتها للأبد، ومن ثم من الغباء أن تطالب الدول الكبرى وإسرائيل ومعها الدول العربية حركة المقاومة الإسلامية حماس نزع سلاحها وتسليم نفسها لأي قوة موجودة على الأرض، كما أنه من الغباء والحمق أيضا أن يساوي الأمريكان والغرب سلاح إسرائيل المدعوم أمريكيا وغربيا والمتنوع تكتيكيا وتكنولوجيا بسلاح بدائي تملكه حماس وتدافع به عن نفسها.
الفلسطيني يقاتل بعقيدة وروح واستعداد عال
ولكن المقاربة التي لا يدرك معناها العدو الصهيوني والعدو الأمريكي هي أن المقاوم الفلسطيني يقاتل بعقيدة وروح قتالية واستعداد نفسي وبدني عال، فهو إما أن ينتصر على المحتل أو يموت شهيدا عند الله في جنان الخلد، بينما الطرف الآخر يقاتل من أجل لا هدف في الحياة ويخاف على نفسه من الموت، وإن مات فلا يحصل على شيء، حياته كآبة وملل وقلق وخوف وموته نهاية لحياة لم يستمتع بها، وبالتالي فهو يرى المقاتل من حماس كأنه جيش أمامه وقوة كبيرة وهو في الحقيقة لا يملك إلا بندقية وقاذفة يحملها على ظهره أو بين يديه وبلباس مدني ونعال قديمة ويركض نحو الهدف بكل قوة وشجاعة وثبات لا مثيل لها ويصيب الهدف ويرجع بسلام ويدمّر دبابة أو ناقلة ويوقع من فيها بين قتيل وجريح، ومقاوم آخر يوثّق الحدث بكفاءة عالية وتصوير بديع، وكأنه محترف تخرج من أعلى الجامعات، وآخر يرصد المحتل وتحركاته من بعيد ويتقصى الآثار باحتراف ويسجل النقاط التي من خلالها يتسلل المقاوم بكل شجاعة وبسالة، فأنّى لهذا المقاوم أن يسلّم سلاحه وأنّى لهذا المقاوم أن يخسر الحرب.
إن استراتيجية الغرب وبعض العرب تتمثل في إنهاء المقاومة بالمنطقة جملة وتفصيلا عبر مطالبات بنزع السلاح وتحميل الحكومات ذلك والتهديد والتلويح بالعمل العسكري ضدها إذا لم تكبت سلاح المقاومة، وقد فعلت أمريكا ذلك وفعّلت تهديدها للبنان واليمن وسوريا والعراق وحماس كما فعّلت ذلك إسرائيل ضد إيران، وكل هذه المحاولات لإطفاء نار المقاومة في المنطقة التي لن تموت ولن تنتهي على الأرجح وستبقى حية في نفوس كل المستضعفين الذين شهدوا النكبة والنكسة الكبرى في تاريخ فلسطين وشهدوا القمع بكل صنوفه والتدمير بكل أشكاله والقتل بكل ألوانه، فأنّى للغرب أن يحصل على ما يريد، بل إن المقاومة ستشتعل في كل مكان وستتأجج نارها في كل ناحية حتى يدرك كل صهيوني أنه مهدد وعليه أن يرحل من بلاد المسلمين، ومن كل فلسطين.
شارك رأيك