في ما يلي ما نشره كرونيكور قناة التاسعة رياض جراد، المساند لرئيس الجمهورية بخصوص التجمهر في بطحاء محمد علي و الهجوم صباح اليوم الخميس على الاتحاد العام التونسي للشغل:
“الشعب التونسي العظيم واجه و يواجه بثبات و بإرادة قويّة لا تلين كل المؤامرات والمناورات والترتيبات الداخليّة والخارجيّة التي تستهدف وطننا العزيز و أحبط و سيحبط كل محاولات تأجيج الأوضاع و زرع بذور الفتنة بوعي غير مسبوق، ولعلّ خير مثال على ذلك و على سبيل الذّكر لا الحصر، المثال الذي إستحضره سيادة الرئيس، يوم أمس، حول تضامن التونسيّات والتونسيّين و تكاتفهم و تآزرهم مؤخّرًا و خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تطوّع الكثيرون لتوفير النّقل مجّانًا لمن هم في حاجة ماسّة الى التنقّل و وضعوا على ذمّتهم أرقام هواتفهم التي كتبوها على سيّاراتهم الخاصّة. في مشهد تاريخيّ مهيب لن يسقط أبدًا من الذاكرة.
إن التونسيّات والتونسيّين يُدركون دقائق التفاصيل وهم على وعي و دراية كاملة بالمحاولات التي تسعى إلى إرباكهم والتّنكيل بهم و نشر اليأس والإحباط في صفوفهم في إطار حرب نفسيّة شاملة تستهدف النيل من عزيمتهم و معنوياتهم و إضراب النّقل مؤخّرًا لا يمكن أن يتنزّل إلًا في هذا السياق. فبعد أن تلقّى الشعب بكل إرتياح و إستبشار و إيجابيّة الخطوات العمليّة والواقعيّة للدولة في إتّجاه إنقاذ المرافق العموميّة و منها النقل بداية بتخفيف معاناتهم اليوميّة على الأقل من خلال إقتناء مئات الحافلات لتعزيز الأسطول، تحرّكت قيادة الإتّحاد كما كان متوقّعًا بالإتجاه المعاكس تمامًا أي بإتّجاه وأد بوادر الأمل و تبديدها بتنفيذ إضراب بمطالب ماديّة مجحفة، بل و تهديد الشعب بالمزيد، غير مكترثين لا بالأولويّات ولا بحجم التحديّات و دون أي ذرّة إحساس بمعاناة الناس في ظلّ درجات حرارة قياسيّة. معلنين بذلك المواجهة المفتوحة ضد الشعب.
إن هذا الشعب العظيم الذي أذاقوه الويلات طيلة عشريّة الخراب والتخريب قرّر العبور و سيعبر من ضفّة اليأس الى ضفّة الأمل ومن حقّه كل الحق أن يطالب بالمحاسبة وأن يعبّر وأن يتظاهر بما يضمنه و يكفله له الدستور في كنف الإلتزام طبعا بالمدنيّة والسلميّة.
على الشعب التونسي أن يعلم و من حقّه أن يعلم بأنّ بعضهم يتحرّك حاليًا وفق مقولة “خير وسيلة للدفاع هي الهجوم” بعد أن أدركوا التقدّم الكبير الحاصل في سير الأبحاث والتحقيقات المتعلّقة بعدد منهم. فبعضهم تتعلّق بهم ملفّات فساد و إفساد يشيب لسماع حيثيّاتها الولدان و يتوهّمون -أو هكذا أوهموهم- بأنّهم بهذه الممارسات قد يوفّرون لأنفسهم حصانة تحول بينهم و بين المحاسبة و تحول بينهم و بين يد القانون الطولى التي يقتضي الواجب الوطني المقدّس أن تطالهم ليدفعوا جزاء ما فعلوا. فما يقومون به إذن هي ليست سوى محاولات إستباقيّة يائسة لصرف الأنظار عن فسادهم و للإفلات من المحاسبة و حتى إن شملتهم المحاسبة سيقولون لكم كما قال الذين من قبلهم بأنّ “الدوسيات فارغة” وأنّ الأمر يتعلّق بالحقوق والحريّات والعمل النقابي، والحال أن الأمر يتعلّق بفساد بعضهم الذي فاق الخيال.
إن الإتحاد العام التونسي للشغل صرح عظيم و مكسب وطني و ليكن هذا واضحًا. فالإتحاد ليس أصلًا تجاريّا باسم أيّ كان أو أيّ مجموعة كانت تحاول اليوم إختطافه و توظيفه للعبث باسمه و تحت يافطته و توجيهه ضد الشعب الذي أحبّه الزعيم فرحات حشّاد، رحمه الله تعالى، والذي لا أعتقد أنّه كان يتصوّر أن يستغلّ البعض من بعده الاتحاد للتنكيل بالشعب الذي أحبّه و إستشهد من أجله.
مرّة أخرى، من حق الشعب أن يطالب بالمحاسبة طبق القانون وهو ما أكّد و شدّد عليه أيضًا سيادة الرئيس، يوم أمس، بنبرة تحذيريّة واثقة و واضحة وقد تكون الأخيرة.
إنّ الشعب التونسي و بقدر تحمّسه و تصاعد مطالباته المشروعة بمحاسبة هؤلاء، هو في نفس الوقت على يقين تام بأن الأغلبيّة السّاحقة من النقابيّات والنقابيّين هم أحرص الناس أيضا على تطهير المنظّمة من فئة قليلة جدًا عبثت بدوره و بتاريخه و عاثت فسادًا و إفسادًا.
وإنّ غدًا لناظره لقريب قريب.
شارك رأيك