حسان الدوس  ” طاير ” على ركح مسرح سيدي الظاهر  بسوسة

قدم التينور التونسي حسان الدوس عرضا فنيا مبهرا على مسرح سيدي الظاهر، ضمن فعاليات الدورة الـ66 لمهرجان سوسة الدولي. شهدت الأمسية حضورا جماهريا محترما، حيث قدم الدوس رحلة موسيقية فريدة جمعت بين الأوبرا العالمية، السمفونيات الراقية، والألحان العربية والتونسية الأصيلة، تاركا أثرا عميقا في نفوس الحاضرين.

بداية مبهرة مع أوركسترا المنار

انطلق الحفل في العاشرة وربع مساء بقيادة المايسترو سلمى المسعودي، التي قادت أوركسترا “المنار” المكونة من 75 عازفا. بدأ العرض بالنشيد الوطني التونسي، ليمهد الطريق لظهور حسان الدوس لأول مرة على خشبة هذا المهرجان العريق.
قدم الدوس وصلة غنائية مميزة، تضمنت أعمالا كلاسيكية وأوبرالية، بمشاركة أمال سديري و ناريمان بوشلغومة ، حيث تألقت أصواتهم الأوبرالية في أداء مستوحى من التراث العالمي.

دمج مبتكر بين الأوبرا والراب

في لحظة فنية جريئة، فاجأ الدوس الجمهور بتقديم عمل فني مبتكر يمزج بين الأوبرا والراب، مستوحى من فيلم( le parrain “العراب ” / The Godfather) بطولة ال باتشينو ومارلون براندو (1972) ، بتوزيع سمفوني رائع من أوركسترا وكورال المنار، وبمشاركة أحد أعضاء فرقةTunisia88 (khalanzi). هذا المزيج اللافت جعل الأوبرا أكثر قربا للشباب، مضيفا طابعا عصريا شبابيا على الفن الكلاسيكي.

وصلة طربية تونسية وعربية

تصاعد حماس الجمهور مع وصلة غنائية تنوعت بين الموشحات الأندلسية مثل “لما بدا يتثنى”، وأغنية ” توبة” لعبد الحليم حافظ، و”لاموني اللي غارو مني” لهادي الجويني، بالإضافة إلى اغنية “عصفور السطح” من فيلم نوري بوزيد و من تلحين أنور براهم.
أظهر الدوس براعته في التنقل بين الأنماط الموسيقية المختلفة مع الحفاظ على الطابع التونسي الأصيل.

ختام عاطفي برسالة إنسانية

اختتم الحفل بمجموعة من الأغاني التونسية المحببة مثل “عشقة”، “قطوسة الرماد”، و”بيدو خال”. وفي لفتة مؤثرة، قدم الدوس أغنية “تحيا فلسطين” بتوزيع سمفوني، مرتديا الكوفية الفلسطينية، في رسالة تضامنية لاقت تفاعلا كبيرا من الجمهور. هذا الأداء عزز من مكانته كفنان يحمل رسائل إنسانية قوية إلى جانب إبداعه الفني.

مسيرة فنية ملهمة

حسان الدوس، ابن مدينة سوسة، بدأ كعازف غيتار في فرقة روك، قبل أن يتحول إلى عالم الأوبرا بعد إلهام من مغنين عالميين. تدرب في المعهد العالي للموسيقى بسوسة وتونس، وحصل على ماجستير في التفسير الصوتي من ميونيخ. فوزه بجائزة “الأمل الشاب” في فرنسا عام 2011، ومشاركته في إنتاج أول أوبرا تونسية، إلى جانب أدائه في أوبرا “كارمن”، جعله رمزا لنشر ثقافة الأوبرا في تونس.

تعاونه مع المايسترو سلمى المسعودي وأوركسترا المنار يعكس التزامه بدعم المواهب الشابة. كما أن عرضه في شارع الحبيب بورقيبة في جوان 2025، بمشاركة 130 فنانا، أكد على قدرته على جعل الأوبرا فنا شعبيا يجذب الجميع.

إلهام للأجيال

كان عرض حسان الدوس في سيدي الظاهر أكثر من مجرد سهرة فنية؛ بل كان دليلا على قدرة الشباب التونسي على تقديم إبداع عالمي المستوى. مع جولته الصيفية التي شملت مهرجان الجم الدولي ،المهدية و المنستير و بلاريجيا ، يواصل الدوس إلهام الأجيال الجديدة، مؤكدا أن الفن لا حدود له، وأن الطموح هو مفتاح النجاح….وبرز هذا من خلال اشراك كورال تونس88. كضمن مشروع CRESCENDO لــWallah We Can فجسّد رؤيةً تؤمن بأن الموسيقى قادرة على إحياء التراث، وبناء الجسور بين الأجيال، وإشعال شرارة الأمل في القلوب النابضة فنا و ابداعا و تحديا


بقلم بشير حسني
صور : توفيق دغمان/ الصفحة الرسمية لمهرجان سوسة الدولي

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.