الاتحاد العام التونسي للشغل : نقابة عمالية أم لاعب سياسي ؟

إنّ المعركة التي تخوضها تونس اليوم مع الاتحاد العام التونسي للشغل ليست مجرّد خلاف نقابي، بل هي معركة وجوديّة من أجل ضمان أن تعمل مؤسّسات الدولة في إطار النظام، ووفق القانون، وقبل كلّ شيء في مصلحة المواطن.

ليث الأخوة

ما زلنا جميعًا نتذكّر الإضرابات التي شلّت قطاع التربية وحَرمت آلاف التلاميذ من دروسهم، واضعةً مستقبلهم رهينة لمطالب النقابة. وما زلنا نتذكّر توقّف المؤسّسات الإنتاجيّة العموميّة، وما سبّبه ذلك من خسائر اقتصاديّة فادحة ونقص كبير في مداخيل الدولة.

كما لا ننسى إضرابات محطّات الوقود التي عطّلت حياة المواطنين، وإضرابات الحوض المنجمي بڨفصة، وقطع الطرقات في تحرّكات فوضويّة لا تراعي مصلحة الوطن ولا استقراره.

والأخطر من ذلك أنّ الاتحاد نصّب نفسه لاعبًا سياسيًّا يفرض موافقته على تشكيل الحكومات ويتدخّل في التعيينات والإعفاءات، ليصبح بذلك دولة داخل الدولة.

التاريخ يعيد نفسه، ففي سنة 1978 وخلال عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، شهدت تونس وضعًا مشابهًا، حيث تمّ العثور على أسلحة بيضاء داخل مقارّ الاتحاد، وحُكم على أمينه العام آنذاك الحبيب عاشور بأحكام ثقيلة. وبعدها اضطرّ الاتحاد إلى العودة إلى دوره الأصلي: الدفاع عن مصالح العمّال في إطار القانون.

لكن بعد الثورة، تخلّى الاتحاد عن هذا الدور، وسعى إلى لعب دور الحاكم الفعلي للبلاد.

اليوم، على الدولة التونسيّة أن توقف هذه التجاوزات، وأن تحاسب الاتحاد على كلّ إخلال في المؤسّسات العموميّة، وعلى قضايا الفساد والصفقات المشبوهة التي تلاحقه.

ويجب فتح تحقيق جدّي في:

  • مصادر تمويل الاتحاد
  • طرق صرف الأموال، بما في ذلك شراء السيّارات الفاخرة وتشييد مقره الفخم الذي كلّف مليارات
  • كيفيّة حصوله على ممتلكاته العقاريّة.

لن تنهض تونس على أسس صلبة إلّا بعد إعادة الأمور إلى نصابها، وإلزام الاتحاد العام التونسي للشغل بالعودة إلى وظيفته الأصليّة: الدفاع عن حقوق العامل، لا حكم البلاد.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.