هل تقدر حماس على غزو إسرائيل مرة أخرى ؟

من المعلوم أن الكيان الصهيوني بالغ وأوغل في إجرامه عندما ضربته حماس في كبريائه وأهانت جيشه في السابع من أكتوبر 2023م، ذلك الحدث الذي غيّر منطقة الشرق الأوسط وكشف عن قناع الجيش الصهيوني بعد أن كان الجميع يظنه أنه أقوى الجيوش في المنطقة، والأكثر أخلاقا، لكن حرب غزة عرّته من أخلاقياته وإنسانيته فأضحى وحشا كاسرا لا يفرق بين المسالم والمقاتل، ولا بين مستشفى ومدرسة ومصنع، وسمح سياسيوه باستباحة كل شيء، من القتل والتدمير والتجويع والتعطيش والتعذيب والاغتصاب وكل شيء في عمليات همجية وممهنجة لا تمت للإنسان بصلة، وفي وضع كهذا يزداد شراسة يوما بعد يوم أمام عالم متخاذل لا يقوى على محاسبة المجرمين اليهود وعاجز عن مدّ الفلسطينيين بالماء والغذاء والدواء في وقت حاصر الكيان الصهيوني القطاع من كل الجهات، وتربص بهم من كل صوب وحدب.(الصورة : عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023).

فوزي بن يونس بن حديد

وفي الوقت الذي أعلنت فيه وكالات الأنباء عن موافقة حماس على اتفاق الوسطاء من مصر وقطر، بقيت إسرائيل مترددة ولم تعلن موقفا واضحا تجاهه، بل كانت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين منصبة على أن الضغط العسكري وحده هو ما أجبر حماس على طلب المفاوضات، وحتى لو وافقت إسرائيل على هذا الاتفاق وانصاعت للشارع الذي يطالبها بذلك لإرجاع الأسرى إلى بيوتهم إلا أن ثمة شكًّا كبيرًا بنقضه، فالكيان الصهيوني تعوّد على مثل هذه الحركات لأنه لا يرى أن هناك من يجبره على فعل ذلك، بل لا يفهم اليهود معنى المفاوضات، ولا يعرفون الرحمة ولا التنازل، ولا يعرفون معنى الإنسان، همهم إشباع رغباتهم من سفك الدماء وقد سبق لهم أن قتلوا الأنبياء وهم صفوة الخلق بغير حق، فكيف بالناس الأبرياء، الذين تنهشهم الآلة الصهيونية بكل وحشية ودون أدنى إنسانية.

كما لا يفهم اليهود إلا لغة القوة، وحينما يستشعرون القوة في أي مقاومة في العالم يستكينون ويطلبون الحماية ويذكّرون العالم بالهولوكوست، وحينما جرّبوا حرب غزة ووجدوا أن العالم العربي والإسلامي لم يتخذ قرارات حاسمة تجاه ما يجري غالوا في جرمهم وارتكبوا ومازالوا يرتكبون الجرائم بكل وقاحة وجرأة، بل لم يعد نتنياهو وأقزامه يعبؤون بأوروبا ولا حتى بأمريكا.

اسرائيل تنتهك كل القوانين الدولية

 ولما كان الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن قد حذر نتنياهو من دخول رفح قال الأخير سندخل رفح سواء رضي بايدن أم أبى، ثم دخل رفح بكل عنجهية ووقاحة رغم التحذير العالمي، وهاجم كل المنظّمات الدولية والصحفيين المحليين والأجانب وكل من يريد أن يعين غزة من قريب أو من بعيد، في تحد صارخ لا مثيل له في الحياة والتاريخ، وانتهك كل القوانين الدولية والإنسانية بكل تعجرف وكِبْر ، وتحدّى محكمة الجنايات الدولية ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم يبق شيء لم ينتهكه فماذا بقي أمام العالم أن يفعله؟ وماذا بقي أمام المقاومة أن تسلكه.

من عجيب القدر أن تبقى المقاومة الإسلامية في غزة متماسكة طوال سنتين من الحرب الشرسة والمدمرة، ومن المعجزات أن يتمسك الفلسطيني بأرضه ويصبر على الأذى رغم فقده كل شيء في الحياة، ومن المفارقات أن يصمد الشعب الفلسطيني كل هذا الصمود البطولي في وجه كيان متوحش كاسر لا يفقه معنى الحياة، وما أجمل أن يعيش الفلسطيني بسكينة وثبات رغم الآلام، ويعيش الكيان الصهيوني في رعب شديد رغم ضخامة الإمكانات، هنا فقط نسطر نقاط قوة عظيمة لهذا الجيل الذي أبى إلا أن يسجل بطولة التحدي للإجرام الصهيوني، ويفكر في وسائل لإيقاف الحرب المدمّرة التي لم يعبأ بها دونالد ترامب الداعي إلى السلام والمتلهّف للحصول على جائزة نوبل للسلام.

هل من سيناريو 7 أكتوبر جديد

السيناريو الوحيد الذي يجعل نتنياهو يوقف الحرب إذا لم يحدث اتفاق لإنهائها، هو سيناريو 7 أكتوبر جديد، فلا بدّ من ضربات موجعة في قلب تل أبيب، أو في ضواحيها، ولا بد من تغيير قواعد الحرب مع الكيان الصهيوني وتحويلها إلى قلب العدو حتى يتألم، سواء من جماعة أنصار الله عبر تصويب عدد من الصواريخ الباليستية مرة واحدة ودفعة واحدة على الكيان الصهيوني ومرات متتالية، أو من خلال ضربة جديدة من المقاومة الفلسطينية عبر التسرب من جديد من المعابر أو من الحدود في خطة جديدة محبكة يمكن أن تربك العدو الصهيوني المتفاخر بجرائمه وتصيبه في مقتل، وعندئذ سيعلن كل نتنياهو وكاتس وسموتريتش وبن غفير وزامير وكل عربيد صهيوني استقالته، وسيلعنون الأيام التي ولدوا فيها جميعا كما قال الشهيد البطل يحيى السنوار.

و لكن هل المقاومة أو ما تبقى منها داخل الأراضي المحتلة و خارجها قادرة اليوم على الإتيان بمثل هذا الفعل بعد ما تكبدته من خسائر بشرية و مادية و ما عانته من مؤامرات و خيانات و خيبات ؟

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.