أثار تصريح وزير الاتصالات الصهيوني المتطرّف شلومو كرحي بقضم أجزاء من الأردن حفيظة المملكة الأردنية الهاشمية التي أدانت بشدة هذه التصريحات التي تنم عن تطرف وخطورة هذه الحكومة في إسرائيل إذا استمرت في حكمها وتنفيذ مخططها التوسعي.
فوزي بن يونس بن حديد
لقد نطق وزير الاتصالات في حكومة نتنياهو بنيّة حكومته الذهاب نحو الأردن بعد أن استعرت شهيّة المتطرفين والمستوطنين اليهود الذين عبّروا بكل وقاحة أنهم قادمون وعازمون على الدخول في البلدان العربية المجاورة مثل سوريا والأردن ومصر وصولا إلى السعودية والعراق بعد قضم لبنان وفلسطين، وبالتالي لم يعد للأمة العربية مكان تفرش عليه دولتها.
هذه العقيدة التلمودية الجديدة في إسرائيل بدأت تتسع آفاقها بشكل مُخيف ودون مواربة وبلا حواجز، ويبدو أن ذلك يتم بدعم أمريكي واسع من الحكومة المتطرفة في أمريكا بقيادة دونالد ترامب الذي سيوافق على الأرجح على كل ما تقوم به إسرائيل في إطار “الدّفاع عن نفسها وحماية حدودها”، هذه الشمّاعة التي ألصقتها إسرائيل بكل ما تقوم به في المنطقة تبريرا لما تفعله على أرض الواقع من تطوير لحركتها التطرفية التلمودية المبنية على حلم إسرائيل الكبرى، ومن ثم فإن الدول العربية المستهدفة في المخطط الصهيوني ينبغي أن تكون على أُهبة الاستعداد للرد على هذا النمط الجديد من العلاقات الدولية المبني على القوة ولا شيء غير القوة العسكرية التدميرية بعيدًا عن المعاني الإنسانية وبعيدًا عن كل ما يمكن أن يشكل خللًا في المنظومة الدولية التي تدهورت أركانها ومبادئها أثناء الحرب على غزة.
القانون الإنساني في سلة المهملات
وما بُني على باطل فهو باطل، فإن البنيان العالمي من أمم متحدة ومجلس أمن ومنظمات دولية، بنيت كلها على جرف هار، موّلتها أمريكا والدول الكبرى لبناء مصالحها العليا، ولما تعرّت هذه القوى العظمى وحكمها متطرفون لا يعترفون بالقانون الدولي مبدأً ولا بميثاقه طريقًا نحو العدالة الدولية وحق الإنسان في العيش بسلام على أرضه واخترقوا القانون الإنساني ورموه في سلة المهملات كما تحبّ أن تعبّر عنه إسرائيل ذات يوم وكل يوم، أصبحت هذه المنظمات كلها ضعيفة جدا لا تقوى على إيقاف الإرهاب الصهيوني المنظّم في غزة الذي فاق معدّلات جرائم داعش التي رأيناها في السنوات الماضية وهي التي تدمّر وتقتل الناس وتعبث بالحجر والشجر والإنسان، ثم جاء الداعش الصهيوني الذي أهلك الحرث والنسل ولم يبق شيئ في غزة إلا وأتى عليه.
فالأردن اليوم أمام اختبار حقيقي بعد أن ساعد إسرائيل في الحرب على غزة ومنع قوافل الخير أن تدخل القطاع لإمداد أهله بالغذاء والماء والدواء، ومنع الصواريخ الإيرانية من السّقوط داخل الأراضي المحتلة للعدو الصهيوني، ومنع الأردنيين من التوجه إلى الضفة وغزة لإمدادهم بما يستطيعون، وترك الأقصى في أيدي بن غفير المستوطن المتطرف الإرهابي الأول في الكيان الصهيوني يعبث به هو ومستوطنوه في مشاهد مُرعبة ومستفزة لملياري مسلم على وجه الأرض.
ومن المفترض أن يقوم الأردن بالدفاع عن المسجد الأقصى وطرد بن غفير وزبانيته من باحات المسجد الأقصى وهو الوصي على القدس والمقدسات الإسلامية، حيث تدير دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك جميع شؤون المسجد الأقصى المبارك والعديد من المساجد في المدينة، وتُعنى بترميم وصيانة الأملاك الوقفية وتعزيز صمود المقدسيين، مع التأكيد قانونيًّا وسياسيًّا ودبلوماسيًّا على أن القدس الشرقية مدينة محتلة وعاصمة محتملة للدولة الفلسطينية المستقبلية، لكن استمرار الصمت على الاعتداءات المتكررة للصهاينة جعل المستوطنين يتجرأون ويدخلون إلى الباحات ويمارسون طقوسهم بكل حرية وبحراسة من أفراد الجيش والشرطة الصهيونية ولا يفعل الأردن شيئا.
حلم إسرائيل الكبرى في فلسطين و ما جاورها
وقد اكتفى الأردن اليوم بالتنديد بتصريحات وزير الاتصالات الصهيوني، وهي في الحقيقة تصريحات كل اليهود المتطرفين، الذين ينشدون ويحلمون بإسرائيل الكبرى، بل كان تصريح رئيس حكومتهم نتنياهو واضحا خلال مقابلة صحفية عبّر فيها عن عزمه على تحقيق حلمه وحلم أجداده في فلسطين وما جاورها، وعبر خريطة مصوّرة على هديّة قدمها له الصحفي خلال اللقاء، أكد على ذلك، وتحمل هذه الخريطة نموذجا يشمل الأردن ومصر ولبنان وسوريا وجزءا من العراق والسعودية وهي كلها بلدان عربية ذات سيادة، وبعضها له علاقات مباشرة مع الكيان الصهيوني لعقود من الزمن، لكن ذلك لم يشفع لها أن تخرج من دائرة التوسع والنفوذ الصهيوني، فشهية الصهيونية اليوم في أوجها وليست لها حدود بعد الصمت العربي والإسلامي.
فكيف سيدافع الأردن عن سيادته، وهو الذي يتعرض اليوم لانتقادات واستفزازات من الكيان الصهيوني لجرّه إلى ميدان المعركة في ظل الضعف الشديد لجامعة الدول العربية التي أفل نجمها وضعف ووهن عظمها، ودخلت مرحلة الإنعاش السريري وقريبا سنشهد جنازتها ودفنها إلى الأبد إذا استمر الحال العربي على ما هو عليه اليوم؟
شارك رأيك