في ما يلي نص الرسالة التي توجه بها الاستاذ المحامي أحمد صواب الى المشاركين في قافلة الصمود:





“من خلف جدران سجني، حيث تُحاصرني القضبان وتُحجب عني تفاصيل العالم، تصلني أخبار متقطّعة عن “أسطول الصمود”… تصلني اخباركم عبر زيارات عائلتي ومحامييّ، أخبار شحيحة لكنها كافية لتؤكد أنّ إرادة الحرية لا تُسجن، وأنّ التضامن الأممي مع فلسطين ما زال حيًّا …
غير أنّ عدم تمكني من رؤية علم تونس إلى جانب أعلام فلسطين يوجعني، فتونس التي أعرفها ليست تونس الزنازين؛ تونس التي أحببتها هي تونس الاختلاف والحرية والكرامة، تونس التي تُرفع فيها رايات السيادة والعدالة لا القضبان ولا البلوارات …
من زنزانة ضيقة في المرناقية اكتب لا بمداد الحبر بل بمداد الصمود … اكتب اليكم من جرح الحرية في تونس الى كل ضمير حي في العالم … الى كل من لا يزال يؤمن ان الحرية هي مكتسب من الانسانية … كنت أتمنى لو كنت بينكم، كنت أتمنى لو استطعت أن أودّعكم قبل رحلتكم أو أستقبلكم بعد عودتكم سالمين إلى أرضٍ حرة، إلى وطن ديمقراطي تحكمه الشرعية، ويقوم قضاؤه على الاستقلال لا على التبعية، ويحتضن الأحرار لا يطاردهم … وإن كنت سبعينيا مُسنا، فإن قلبي الذي أنهكه هذا البلد ما زال شابا كلما رأيتكم تجسّدون ما حُرمت منه … الحرية في الفعل والإرادة…
يا أحرار أسطول الصمود … فرحي بكم عظيم، لأنكم لم تتركوا فلسطين أسيرة الخطب والبيانات العقيمة، بل حملتم إليها فعلا حقيقيا يترجم التضامن إلى مقاومة. أنتم تُحرّكون الأمل بالفعل، بينما غيركم يكتفي بنضال الرفاه وبشعارات تُرفع على المنابر دون أثر…
يا احرار أسطول الصمود ….
كنت أتمنى لو كنت معكم .. و بينكم ندافع من أجل الحرية … لكن سجني يمنعني حتى من أن أراكم… وما اقدر عليه هو فقط كلمات المساندة …
أؤكد أنّ اعتقالي لا يُسقط حقي ولا يُسقط حقّ كل معتقل سياسي في تونس ان نكون معكم وان كنت في أعين النظام الاستبدادي ارهابي فهو لا يسقط حقكم ايضا يا احرار العالم في المشاركة في محاولات الشعوب لكسر الحصار عن فلسطين المحتلة وان كنتم في أعين الصهاينة والمستعمرين إرهابيين ايضا …
أكتب إليكم ليس من موقع الضحية ، بل من موقع الشريك في النضال…. قضبان المرناقية لن تحجب صوتي حتى أتضامن معكم … إنّ التضامن العابر للحدود والعابر للجدران هو ما يحمينا من النسيان، وهو ما يذكّر هذا النظام أنّ العزلة لا تنفع، وأنّ العدالة لا تموت بالحبس بل تتقوّى بالصمود… وهو ما يذكر الاحتلال الصهيوني أن معركة الحرية والاستقلال لا تموت بالابادة بل تتقوى بنضالات الشعوب …
عودوا سالمين، فأنتم تمثّلون جزءا من الأمل الذي يتغذّى عليه هذا الوطن الجريح… وكونوا على يقين ان تونس لن تبقى سجنا مفتوحا… تونس ستعود وطنا يليق بدماء شهدائه ونضالات نسائه ورجاله ونضالات احراره من هم في تونس ومن هم في طريقهم الى فلسطين ، وطنًا يرفع علمه إلى جانب كل علم حر، وطنا لا أن يُختزل في أبواب حديد وأوامر استبداد….
من المرناقية لغزة، المبادئ لا تتجزأ…
عاشت فلسطين حرة من الاستعمار
و عاشت تونس ديمقراطية … “.
*من زنزانة المرناقية،
أحمد صواب
شارك رأيك