تُسابق إسرائيل الزّمن من أجل القضاء على حركة حماس قبل حلول السابع من أكتوبر القادم وهو الموعد الذي يذكّرها دومًا بالرعب الذي عاشته في ذلك اليوم من العام 2023م حينما انقضّ عليها المقاومون في عقر دارها وقتلوا وأسروا الكثير من الصهاينة الذين كانوا يلهون ويعبثون ويظنون بأنهم بأمان وسلام ومأمن من أي هجوم على بلدهم. و ها هو الكيان الصهيوني يصب جام قنابله، يوم أمس الثلاثاء 9 سبتمبر 2025، على منزل بالدوحة، عاصمة دولة قطر، يجتمع فيه قادة حركة حماس للتباحث في ما سمي “بمبادرة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة”.
فوزي بن يونس بن حديد
ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمكنين : بينما كانت صبيحة السابع من أكتوبر من عام 2023 مسرحًا لعمليات المقاومة التي خطّطت لها جيدا وأحسنت وأبدعت في إفشال المخطط الصهيوني الذي كان سيأتي لا محالة، كان الإسرائيليون يعيشون في غمرة احتفالاتهم بيوم السبت المشؤوم، وكانوا في سكرة ونشوة من الاستمتاع، ولكن عذاب المقاومة كان شديدا عليهم وبأسهم كان أشدّ من ضربة السيف.
ولأن ذلك السبت كان مشؤوما على إسرائيل بكل المقاييس، فإنها تسعى إلى محو هذه الصورة قبل حلول هذه الذكرى من خلال ما تقوم من تدمير ممنهج للأبراج في غزة وتهجير أهلها بالقوة القاهرة إلى الوسط والجنوب حتى يخلو لها المكان وتفعل ما تشاء، ولكن وهي في غمرة جبروتها وكبريائها وافتخارها تأتيها ضربة المقاومة القاصمة في قلب القدس أول أمس الإثنين 8 سبتمبر 2025 لتقلب مقاييسها المنحرفة والمنعرجة، حتى تزيد من بطشها وجبروتها، وتهدد وتتوعد من أعلى سُلم سياسييها، رئيس وزرائها ووزير أمنها وهما محاطان بجيش من الشرطة مرعوبيْن خائفيْن، يظهران الشجاعة المزيفة ويهددان بفتح أبواب الجحيم على غزة وهي التي فُتحت منذ الثامن من أكتوبر 2023م وعلى مدار عامين كاملين و لم تغلق إلى الآن.
حماس بقيت شوكة في حلق إسرائيل
ورغم الجرح الغائر في غزة لم تستطع إسرائيل إلى اليوم كسر هيبة حماس، وقلعها من جذورها كما يتمنون، رغم اغتيال الكثير من قادتها، ولم تستطع كسر شوكتها التي بقيت تنغص في حلق إسرائيل التي تزعم أنها قوية وآمنة وأن لا أحد قادر على ضرب أمنها، فعلبة شواظ وعبوة ناسفة وقذيفة الياسين كفيلة بأن تُرعب إسرائيل بأكملها وتدمّر الصورة المّركبة التي كانت تصنعها للعالم بأنها أكبر قوة عسكرية في المنطقة ولا دولة تضاهيها هناك من حيث العدة والعتاد، وها هي اليوم هذه القوة تُداس تحت أقدام المقاومين الأشاوس الحافية التي تركض من أجل التحرير أو الاستشهاد ولا شيء غير ذلك يسير في الأذهان، وهذا ما لا تفهمه إسرائيل أو تحاول إخفاءه عن الجميع، فإسرائيل اليوم في سباق محموم أمام ضغط ترامب الذي يفكر في طي صفحة غزة التي آذته كثيرا وبدأت تحرك الشارع الأمريكي بقوة، والشارع الغربي عموما وتضعه أمام أمر واقع وهو أن هناك إبادةً جماعيةً وتطهيرًا عِرقيًّا وقتلًا جماعيًّا وجرائم حرب، وكل اسم يتعلق بالجريمة النكراء البشعة التي ترتكبها إسرائيل وأمريكا في غزة.
فكل ما يجري اليوم في غزة كان ولا يزال نتيجة لشعور الصهاينة بالهزيمة أمام حماس التي لم تهزم ولم ترفع الراية البيضاء ولم تُطلق الرهائن رغم الوعيد الشديد من نتنياهو وكاتس وزامير وبن غفير وسموتريتش وزعيمهم الفاشي ترامب الذي زعم أنه رجل سلام، وأنه أنهى الحروب القائمة ووعد ناخبيه بأنه سيُنهيها في أقرب الآجال، ولكنه اليوم يترنح في أثواب اللوبي الصهيوني متردّدا بين وعيد وتهديد وإقدام وإدبار، لا يدري هو زبانيته ماذا يفعلون لحماس التي مرّغت أنوفهم في التراب، وللحوثيين الذين صمدوا في وجوههم رغم الضربات، ولحزب الله الذي رفض تسليم السلاح، فهل تتوحد المقاومة من جديد في وجه العدو الصهيوني وتطلق حملة جديدة وتسترجع أنفاسها لتقضي على ما تبقى من دولة اسمها “إسرائيل”؟
ذلك ما سنعرفه في الأيام القادمة وفي المواجهات بين حماس وإسرائيل، وما ستتلقاه إسرائيل من ضربات من المقاومة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا وفلسطين، فالحرب صولات وجولات، ولم تنته بعد، وسيهزم الجمع ويلون الدُّبر، والعبرة بمن يفوز آخرًا.
شارك رأيك