بعد انهائه الاعتصام الرمزي بدار المحامي، الأستاذ العريبي يكتب..

بعد اعلانه عشية اليوم الخميس عن انهاء مدة الاعتصام المحددة ب 3 أيام بحضور العديد من زملائه بدار المحامي بتونس العاصمة، كتب الأستاذ المحامي نافع العريبي ما يلي على صفحات الفايسبوك:

“انتهى الاعتصام الرمزي الذي قمت به بدار المحامي طيلة ثلاثة أيام، اعتصام لم يكن غايته الشخص بقدر ما كان صرخة في وجه العبث بالسلطة القضائية بعد أن تحولت الحركة القضائية إلى مذكرات عمل لا سند لها في الدستور ولا في القانون، وأصبحت الهيئات المنتصبة فاقدة للشرعية.
لقد وجدت هذه المبادرة صدى واسعا بين المحامين شبابا وكهولاوشيوخا من مختلف الحساسيات الفكريةالذين توخدوا حول المبدأ لا حول الشخص وأكدوا أنّ المحاماة ليست مجرد مهنة بل رسالة في الدفاع عن العدالة وشريكة في اقامة العدل.
. كما عبر عدد من القضاة عن مساندتهم ولو بخطوات حذرة رغم العتمة والخوف من التنكيل وتسليط النقل تعسفا بمذكرات العمل سيئة الذكر.
وتفاعل المواطنون بكثافة عبر شبكات التواصل الاجتماعي معتبرين أن استقلال القضاء هو معركتهم قبل أن يكون شأنا مهنيا ولا ترفا اجتماعيا من باب الكماليات. ولم تتأخر وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الوطنية عن تسليط الضوء على خطورة الوضع وتبني الموقف المبدئي بأن لا دولة قانون دون قضاء مستقل وشرعي.
إنّ هذا الاعتصام لم يكن نهاية بل بداية. لقد كان الحجر الذي حرك المياه الراكدة وكشف أن الصمت لم يعدد مقبول وأن الإصلاح لم يعد خيارا مؤجلا بل أصبح غاية ملحة. فلا يمكن الحديث عن محاكمة عادلة من دون قضاء شرعي وتركيبة هيئة حكمية قانونية ولا يمكن لمحام أن يقبل الترافع أمام هيئات فاقدة للشرعيةلأن ذلك يحوله من مدافع عن العدالة إلى شريك في اللاعدل. ولا استقلالية حقيقية للقضاة إذا ظلّوا عرضة للنقل والإعفاء بمذكرات العمل ولا ضمانات للدفاع إذا كان القضاء مشلولافي غياب مجلسه الأعلى المؤقت أو الدائم . كما أنّ حق المتقاضين في علنية وشفافية المحاكمات يفقد كل معنى إذا لم يكن القضاء مستقلا يعلن أحكامه باسم الشعب وتنفذ في إطار القانون.

إنّ مقومات المحاكمة العادلة التي يضمنها دستور 2022 وينص عليها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومواثيق حقوق الإنسان، لن تتحقق إلا عبر تركيز مجلس أعلى للقضاء شرعي وفعال كسلطة دستورية ضامنة للاستقلالية وإصلاح ما أفسدته مذكرات العمل وإلغاء كل التعيينات المخالفة للدستور والقانون وتكريس الأمان القانوني والقضائي بما يضمن للمواطن أن يحاكم أمام قاض مستقل لا سلطان عليه إلا القانون وامام محكمة محدثة طبقا للقانون .ن.
هذا الاعتصام يضع الهياكل الجديدة للمحاماة بعد انتخابها في الأسابيع القليلة المقبلةأمام مسؤولية تاريخية:
إما أن تنحاز لرسالة المحاماة في حماية الحقوق والحريات بفرض عودة الشرعية القضائية أو تتحمل وزر التواطؤ مع منظومة اللاعدل. فالمحاماة شريك في إقامة العدل وأي تراخ في هذا الدور يجعلها شريكة في الانحراف بل وفي الجريمة.

إنقاذ القضاء هو إنقاذ للمحاماة ولتونس والدفاع عن استقلاليته ليس خيارا سياسيا بل واجب وطني وحقوقي وأخلاقي”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.