في التدوينة التالية التي نشرها اليوم السبت 13 سبتمبر 2025 غلى صفحته الفايسبوك يتساءل الكاتب – وهو دبلوماسي سابق – عما آلت إليه الدبلوماسية التونسية اليوم من انحراف عن الخط التاريخي الذي رسمه لها الرئيس الأسبق و باني الدولة التونسية الحديثة الحبيب بورقيبة و خاصة في ما يخص القضية الفلسطينية و السلام في الشرق الأوسط.
إلياس القصري *

الحمد لله على التقاعد من الوظيفة العموميًة والدبلوماسيًة كي لا أجابه الامتحان العسير بتفسير الموقف الرسمي التونسي تجاه القضيًة الفلسطينيًة في المنتظم الدولي **.
أربعون سنة خدمة في الدبلوماسيًة وفي مناصب عليا تجعلني أتساءل عن مال الضوابط التاريخيًة للدبلوماسيًة التونسيًة التي جعلت غولدا مايير تضع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في صدارة أعداء إسرائيل بتعلًقه بالشرعيًة الدوليًة و منهجيًة التفاوض و مرحليًة المكاسب.
اتذكًر القصف الإسرائيلي لمركز القيادة الفلسطينيًة بحمًام الشاطيء يوم 1 أكتوبر 1985 وكنت قد التحقت منذ قرابة اسبوعين بسفارتنا بواشنطن وقد هدًد آنذاك الرئيس الحبيب بورقيبة بقطع العلاقات الدبلوماسيًة مع الولايات المتًحدة الأمريكيًة في حالة اعتراضها كالعادة على قرار مجلس الأمن لإدانة العدوان الإسرائيلي.
و قد ناداني آنذاك السفير سي الحبيب بن يحي و أمرني بعدم التسرًع في التعاقد لكراء مسكن لأن الطاقم الدبلوماسي بأسره قد يرجع إلى البلاد في أجل قريب.
و إثر مشاورات و تدخًلات معقًدة اتمنًى ان يفصح بها سي الحبيب بن يحي في مذكًراته انتهى الأمر بامتناع الوفد الأمريكي عن استعمال حقً النقض بصفة استثنائيًة كي يسجًل مجلس الأمن إدانة واضحة للعدوان الإسرائيلي على التراب التونسي.
الحمد لله على دبلوماسيًة العهد الجديد و حرصها الثابت على الذود على كرامة و سيادة البلاد و سلامة ترابها و مواطنيها و دعمها الراسخ للقضيًة الفلسطينيًة.
* سفير سابق.
** تونس لم تعد متمسكة بقرار القمة العربية ببيروت عام 2002 بخصوص حل الدولتين الذي تبلور بعد اتفاق سلام أوسلو و كامب دافيد. بل صارت اليوم تطالب بقيام دولة فلسطينية على كامل تراب فلسطين التاريخية وهو – كما نعلم – موقف مبدئي مناهض للاستعمار مهما كان و لكن تجاوزته الظروف السياسية في المنطقة و التوازنات الجيوسياسية في العالم. كما أنه يتعارض مع أساسيات الدبلوماسة التونسية من 1956 إلى 2019 تاريخ وصول الرئيس قيس سعيد إلى سدة الحكم في تونس.
شارك رأيك