تختتم اليوم 24 سبتمبر الجاري فعاليات الدورة 13 لـ”المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة” الذي انتظم تحت شعار “المالوف من المدرسة إلى العالمية”.
وذلك بمشاركة فنانين من تونس، الجزائر، ليبيا، سوريا، تركيا، روسيا ، النمسا ، إسبانيا والسويد، ضمن برنامج ثري بالعروض الفنية أفتتح بعرض قدّمه شيخ المالوف الفنان التونسي الأصيل زياد غرسة والذي شكّل حضوره في افتتاح هذا المهرجان حدثًا بارزًا، حيث قدّم عرضًا فنيًا راقياً أمتع به جمهور قسنطينة العاشق لهذا اللون الموسيقي، من خلال باقة من الموشحات والأغاني التونسية الأصيلة التي تميّز بها، معززًا حضوره كأحد أعمدة المدرسة التونسية في المالوف وامتدادًا حيًّا لإرث والده الراحل الطاهر غرسة.
وقد رافقت الفنان زياد غرسة فرقة موسيقية تكوّنت من عدد هام من العازفين الجزائرييين الذين تفاعلوا تفاعلاً كبيرًا مع فناننا التونسي و في لحظة مؤثرة جسّدت التلاحم بين المدرستين التونسية والجزائرية، وأكدت أن المالوف لغة فنية مشتركة بين أبناء المنطقة المغاربية يتوارثونها ويؤدونها معًا.
كما تخللت السهرة لحظة تكريم خاصة للفنان الكبير الطاهر غرسة، اعترافًا بمسيرته وإسهاماته في صون هذا التراث ونشره.
ويعدّ هذا المهرجان كما أفادنا الفنان زياد غرسة “من أهم الفضاءات التي تحفظ للمالوف مكانته وتساهم في نشره على المستويين المغاربي والعالمي”كما اعتبر محدثنا ان تكريم والده بالمناسبة” يمثّل بالنسبة لي لحظة مهمة ورسالة وفاء تجاه مسيرة فنان كرس حياته لحفظ هذا الفن الأصيل.”
يذكر ان الفنان زياد غرسة دخل مؤخرا غمار الاستثمار في المجال الثقافي في تونس من خلال تأسيسه لـ”أكاديمية زياد غرسة للمالوف والفنون” وهي مشروع ثقافي جامع ينطلق من المالوف ليشمل مختلف الفنون و تمثل الأكاديمية بيتًا مفتوحًا للتكوين والإبداع والتجديد، وفضاءً يضع فيه زياد خبرته ورصيده الفني في خدمة الأجيال القادمة في خطوة تهدف حسب ما أفادنا” إلى نقل الخبرة إلى الأجيال القادمة وصون المالوف وغيره من الفنون “ومعروف ان الاستثمار في المجال الفني ليس غريبا عن هذا الفنان الذي سبق أن أساس معهده الخاص للتعليم الموسيقي سنة 1999
ومعلوم ان الفنان زياد غرسة ينحدر من عائلة موسيقية عريقة، فهو ابن الشيخ الطاهر غرسة الذي يعدّ أحد أبرز رموز الموسيقى التونسية وحفظة تراثها، والذي تتلمذ بدوره على الشيخ خميس ترنان، أحد أعمدة المعهد الرشيدي وقد نشأ زياد غرسة في بيت فني حيث راوح بين التكوين الشفوي والتكوين الأكاديمي بالمعهد الوطني للموسيقى بتونس،وهو متحصّل على ديبلوم الموسيقى العربية بامتياز كما يتقن العزف على البيانو والعود التونسي ويتميّز بقدرة نادرة على الأداء والارتجال في مختلف الطبوع التونسية. كما أنه متمكّن من أداء المالوف وحفظ عواطشه أي أجزائه المفقودة ومتقن لخصائص الموسيقى التونسية وجمالياتها حيث يعتبر موهبة استثنائية في المشهد الفني اذ سبق له الاشراف على تدريب المجموعة الصوتية للمعهد الرشيدي سنة 2003 حيث توفرت له الإمكانيات الكبيرة والمساحات الشاسعة للقيام بعديد التجارب الموسيقية بهدف الاعتناء بالموسيقى التونسية وتطويرها، من ذلك تجسيده لما حفظه من رصيد عن والده الطاهر غرسة وما استوعبه من فنّ القيادة عن الأب الروحي عبد الحميد بلعلجية وكذلك ما يجب تطويره وإعادة صياغته في حفلات المعهد الرشيدي، فقد ظهر جليا نَفَسُ التجديد والتشبيب في أداء فرقة الرشيدية التي أصبح هدفها البحث عن السبل التي تجعل موسيقى المالوف والأغنية التونسية بصفة عامة متطورة ومتجددة ومستساغة لأذن السامع في عصرنا الحاضر.
كما يشار الى ان الفنان زياد غرسة وعلى امتداد مسيرته تحصل على عدة جوائز و تتويجات على المستوى الوطني و العربي.
*منصف كريمي
شارك رأيك