على إثر قيام الأمن مساء اليوم الأربعاء 15 أكتوبر المسيرة السلمية بقابس باستعمال العنف والغاز المسيل للدموع، عبر فوزي دعاس النائب بالبرلمان عبر تدوينته التالية عن مدى استيائه للآلة القمعية للحكومة “يوما بعد يوم”
“الاحتجاج ضد التلوث حق مشروع، وما حدث اليوم في ڨابس من استعمال للغاز المسيل للدموع لتفريق مسيرة سلمية ضمّت آلاف من بينهم نساء وأطفال وشيوخ، جريمة مرفوضة ومدانة.
سياسة القمع والتشويه لن تُسكت أصوات أبناء ڨابس ولن تُثنيهم عن الدفاع عن حقّهم في بيئة سليمة وعيش كريم.
الفجوة بين الخطاب الرسمي والممارسة الفعلية للحكومة تتّسع يوما بعد يوم”
*و سبق للنائب ان نشر ما يلي على صفحات التواصل الإجتماعي:
“ڨابس – الجنة التي صارت تختنق
قليلون فقط يدركون اليوم حجم الكارثة الوطنية التي تمثلها المأساة البيئية في المجمع الكيميائي بقابس. البارح، في الوقفة الاحتجاجية، تكرر على ألسنة المتدخلين وصف واحد مؤلم: “ڨابس راهي كانت جنة… جنة على الأرض.”
تخيّل أرضًا كانت تنبض بالحياة: تمر وغلال بأنواعها — حتى الموز والبرتقال والتوت —، خضرة وحنّة ونباتات عطرية، أسماك وكروفات ومحار وببوش، ماشية ونحل، ومياه تروي واحات خضراء تمتد بين البحر والصحراء. قابس كانت رمز الخصب والجمال، هي “الخضراء” التي سُمّيت على اسمها البلاد.
لكن هذه الجنة تحولت اليوم إلى جحيم بفعل عقود من النشاط الصناعي الملوّث. هواء قابس من الأكثر تلوثًا وطنيًا، غازات سامة تخنق السكان، بحر وواحة تدمّرا، ونسب مرتفعة من الأمراض التنفسية والسرطانية وهشاشة العظام. ما يحدث هنا ليس ملفًا بيئيًا فحسب، بل انتهاك صارخ للحق في الحياة.
يبرر البعض استمرار إنتاج الفسفاط بأن الوطن بحاجة إلى مداخيله، لكن الحقيقة أن الوطن في حاجة أولاً إلى سكان أصحاء، وسيادة غذائية وطاقية، وقدرة على إعادة الإنتاج. الفسفاط يستهلك مقومات الحياة نفسها. لمن تُراكم الدولارات إذا كانت الأرض تموت والناس تمرض؟
لقد توقّف الاستثمار في المجمع منذ قرار تفكيك الوحدات، ثم أُلغي القرار دون أن تُستأنف الصيانة أو الإصلاح. ورغم ذلك، تم اتخاذ قرارات جديدة بمضاعفة الإنتاج والاستثمار في الهيدروجين والأمونيوم دون النظر إلى تدهور المعامل وعدد العمال الذين دفعوا حياتهم ثمن الإهمال.
ورغم هذا السواد، قابس يمكن أن تنهض من جديد.
نحن قادرون على تمويل التحول الإيكولوجي فيها بكلفة أقل مما يُدفع اليوم لإدماجها في اقتصاد استعماري ينهبها. يمكن أن يكون هذا التحول فرصة لتشغيل آلاف الأشخاص، عبر تفكيك تدريجي للمنظومة الملوثة، ومعالجة الموقع، واستعادة التربة والبحر والواحة لعافيتها على مدى جيلين أو ثلاثة.
الحل لن يكون تقنيًا فقط، بل سياسيًا بالدرجة الأولى:
- إعلان قابس منطقة منكوبة بيئيًا.
- نقل الصناعات الملوثة بعيدًا عن التجمعات السكنية.
- برنامج إنعاش شامل للبحر والواحة.
- تعويض المتضررين وخلق بدائل اقتصادية خضراء تضمن العيش الكريم.
- قابس ليست قضية جهوية، بل قضية حياة وعدالة بيئية.
قابس كانت جنة… ويجب أن نعيدها جنة”.
شارك رأيك