نقلا عن الوزير السابق منجي مرزوق، في ما يلي ما كتبه المدير السابق للانتاج بشركة فسفاط قفصة، رافع نصيب:
“أن ملف التلوث الصناعي في قابس لم يعد مجرد قضية بيئية؛ بل أصبح معضلة هندسية، اقتصادية، واجتماعية تتطلب قرارات حاسمة قائمة على تحليل معمق، وليس على ردود فعل آنية. بصفتي مهندساً عمل طويلاً في القطاع الحيوي للفوسفاط والأسمدة، أرى أن الحل يكمن في استراتيجية مزدوجة وواقعية، مع التوقف عن المماطلة.
- التحدي الهندسي والاقتصادي (الوقائع والأرقام):
حجم المعضلة:
إن تصريف 14,000 طن يومياً من الفوسفوجبس في خليج قابس هو فشل إداري ومهني. هذه الكمية الهائلة، الملوثة بالمعادن الثقيلة (كادميوم) والعناصر المشعة، تهدد بانهيار بيئي كامل، وتؤثر سلباً على سمعة القطاع.
التثمين الدائري هو المخرج:
يجب تبني نهج الاقتصاد الدائري بشكل فوري. أثبتت التجربة المغربية، التي تهدف لتثمين 80-90% من إنتاجها، إمكانية استخدام الفوسفوجبس في مواد البناء وطرق الرصف، مما يحول النفايات إلى مادة خام ذات قيمة.
الوحدات التي يجب الاحتفاظ بها:
من الناحية الاقتصادية، من الضروري الإبقاء على وحدات إنتاج ثنائي فوسفات الأمونيوم في قابس -Unités DAP- بعد تحديثها وتطهيرها. هذا القرار يحافظ على جزء من القدرة الإنتاجية ويدعم اليد العاملة المحلية وكذلك الجدوى الاقتصادية لميناء قابس (خزنات الامونياك + البنى التحتية للتصدير)
- استراتيجية النقل والتفكيك: (2030):
إن القرار المهني الحاسم هو فصل الوحدات الملوثة عن التجمعات السكنية. يتطلب ذلك
نقل الوحدات الملوثة:
يجب تفكيك ونقل وحدات إنتاج حمض الفوسفوريك (المولدة للفوسفوجبس) إلى موقع جديد ومجهز بالكامل مثل الصخيرة.
التكلفة الشاملة (حوالي 4 مليار دولار):
أن التكلفة الشاملة لمشروع النقل والتأسيس الجديد، بما في ذلك البنية التحتية البحرية المتطورة (الموانئ والمنشآت اللازمة لتوريد المواد الأولية وتصدير المنتجات النهائية ) تصل إلى حوالي 4 مليارات دولار أمريكي. هذا المبلغ لا يمثل تكلفة بناء المصانع فحسب، بل هو استثمار إلزامي لضمان الاستدامة التشغيلية للقطاع حتى عام 2030 وما بعده، مع إنهاء الأزمة البيئية.
إن استمرار الوضع الراهن هو قرار انتحاري على الصعيد البيئي والاجتماعي. يتطلب التعامل مع ملف الفوسفوجبس رؤية مهنية بعيدة المدى. لا يمكن لقطاع الفوسفات التونسي أن يستعيد مكانته الدولية دون حل هذه المعضلة البيئية أولا وهذا ينسحب كذلك على الوضع البيئي بالحوض المنجمي
الحل يكمن في نقل الوحدات الملوثة (4 مليار دولار) + الإبقاء وحدات الدأب مع التزام كامل بالتثمين الدائري. هذا هو المسار الوحيد لإنقاذ قابس وضمان استدامة قطاع الفوسفات التونسي.”
- الصورة عن قابس 24
شارك رأيك