تقاطع تندد بقرار الحكم على منصف الهوايدي بتهمة ارتكاب أمر موحش ضد الرئيس،

ملخص:
منصف الهوايدي، ناشط اجتماعي وبيئي، عُرف بدفاعه المستمر عن الحق في الماء لمنطقة الهوايدية. حيث تم سجنه ومقاضاته مؤخرا على معنى الفصل 67 من المجلة الجزائية والمرسوم عدد 54 وقد صدر في حقه حكم بالسجن لمدة سنتين مع غرامة مالية قدرها ألف دينار، وذلك على خلفية تدوينات نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي.

معلومات شخصية:

الاسم: منصف الهوايدي
الصفة: مواطن
الجنسية: تونسية

أحداث الانتهاك:

منصف الهوايدي، أب لثلاثة أطفال ويعمل بائعًا متجولًا، وهو ناشط بيئي قاد اعتصام منطقة الهوايدية بولاية جندوبة للمطالبة بالحق في الماء.

في 30 أوت 2024، تم إيقاف منصف من قبل فرقة الأبحاث والتفتيش بطبرقة على خلفية مناشير تفتيش صادرة ضده في قضايا حق عام، وفقًا لشهادة محاميه. إلا أنه، وأثناء عملية التحقيق معه، قامت النيابة العمومية من تلقاء نفسها بفتح بحث تحقيقي بخصوص تدوينات نشرها على صفحته الشخصية بموقع “فيسبوك”، ليُحال يوم 2 سبتمبر 2024 على التحقيق، ويجد نفسه محل اتهام على خلفية منشوراته، طبقًا لأحكام المرسوم عدد 54 والفصل 67 من المجلة الجزائية المتعلق بتهمة ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية.

وبناءً على طلبه، تم تسخير محامية لحضور التحقيق معه، إلا أنها انسحبت لاحقًا. وقد أُبلغ ضحية الانتهاك يوم التحقيق بعدم حضور المحامية، فقبل بمواصلة الإجراءات دون حضور محامٍ إلى جانبه. وخلال سماعه، عُرضت عليه مجموعة من التدوينات التي تعود إليه، من بينها تدوينة “يسقط المرسوم وصاحبه” وأخرى جاء فيها: “تصحيح مسار وانفجار ثوري، ليتنا نعلم أنه انفجار الصرف الصحي”. ووفقًا لما ورد على لسان هيئة الدفاع عنه، أوضح ضحية الانتهاك أنه كان من خلال تلك التدوينات يعبّر عن رأيه في الشأن العام.

وبعد مرور سنة على إيداعه بالسجن، أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بجندوبة بتاريخ 6 أكتوبر حكمًا بالإدانة ضد المنصف الهوايدي، الذي أُحيل على المحكمة في اليوم نفسه، لمقاضاته من أجل ما نُسب إليه من تهم استنادًا إلى أحكام الفصل 67 من المجلة الجزائية والفصل 24 من المرسوم عدد 54.
وقد قضت المحكمة ابتدائيًا حضورياً بسجنه مدة عامين وتغريمه بألف دينار، مع تحميله المصاريف القانونية، وذلك من أجل تهمة استعمال أنظمة معلومات لنشر أخبار زائفة ونسبة أمور غير حقيقية بقصد التشهير بالغير وتشويه سمعته والإضرار به معنويًا. كما قررت المحكمة عدم سماع الدعوى فيما زاد على ذلك.

انتهاكات حقوق الإنسان:

تُبرز قضية منصف الهوايدي جملة من الانتهاكات لحقوق الإنسان خاصة انتهاك حقه في حرية التعبير، حيث أن تتبع ضحية الانتهاك كان بسبب تدويناته على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك يشكل انتهاكًا واضحًا لحقه في حرية التعبير، وهو حق أساسي محمي بموجب الدستور التونسي، ومكرّس في الفصل 37 من دستور 2022، “حريّة الرّأي والفكر والتّعبير والإعلام والنّشر مضمونة. لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات ”. والمادة 19 من العهد الدولي والمادة 19 من الإعلان العالمي، والتي تنص على حق كل إنسان في التعبير عن آرائه دون مضايقة.

كما إن استعمال المرسوم عدد 54 والفصل 67 من المجلة الجزائية لتجريم الرأي والنقد السياسي يقيّد حرية التعبير بما يتجاوز الحدود المسموح بها في مجتمع ديمقراطي. علاوة على هذا فإن استعمال المرسوم عدد 54 في جميع قضايا الرأي وتكييفها على أنها إشاعات وأخبار كاذبة لا يعكس سوى النية الحقيقية للسلطة من توظيف هذا النص في ضرب الحقوق والحريات وهرسلة المواطنين، خاصة وأن ضحية الانتهاك قام بالتعبير عن رأيه وفقا لما يضمنه له القانون من حقوق وحريات.

مع التذكير أن المرسوم عدد 54 الصادر في 13 سبتمبر 2022، والفصل 24 يتضمن على عقوبات مشددة تقدر بخمس سنوات سجن وخطية مالية وتتضاعف هذه العقوبة في حال تعلقت القضية بموظف عمومي، وهو ما شكل خطرا واضحا على حرية الرأي والتعبير، فضلا على أنه يعتبر مخالفا لالتزامات الدولة التونسية الدولية. كما أنه بات أداة مفضّلة في يد السلطة تُستعمل لاستهداف كل من يجرؤ على انتقاد الأوضاع، أو التعبير عن رأيه بحرية بشأن القضايا التي تمس الشأن العام.”

كما تُشكّل العقوبة الصادرة في حق منصف الهوايدي، المتمثلة في السجن لمدة عامين مع غرامة مالية، مثالا واضحًا على عدم التناسب بين الفعل والعقوبة. فالتدوينات التي نشرها على صفحته الشخصية لم تتجاوز حدود التعبير عن الرأي والنقد، ولم تتضمن أي دعوة للعنف أو التحريض على الكراهية. ومن ثم، فإن توقيع عقوبة سلبة للحرية على مثل هذا الفعل يعكس استعمالًا مفرطًا للقانون وتطويعه في تقييد حرية التعبير، وهو ما يتعارض مع الفصل 55 من دستور تونس لسنة 2022، الذي يشدد على أن أي تقييد للحقوق والحريات يجب أن يكون محدودًا وضروريًا ومتناسبًا مع الهدف المشروع الذي يسعى القانون إلى تحقيقه. كما يتناقض هذا الإجراء مع المادة 19 فقرة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي توضح أن أي قيود على حرية التعبير يجب أن تكون محدودة وبما لا يمس جوهر الحق ذاته. وبالتالي، فإن العقوبة الموقعة على الهوايدي تمثل خرقًا لمبادئ حقوق الإنسان الأساسية، وتُظهر سياسة متبعة منذ سنوات لتقييد حرية التعبير وتجريمها من قبل السلطة.

شارك رأيك

Your email address will not be published.