حول المحاكمات المتواترة و المحطات الأليمة التي تعيشها الأستاذة المحامية عبير موسي و غيرها..، توجه الدكتور شقير، القيادي في الحزب الدستوري الحر بما يلي إلى كل من يصادف ما كتبه على صفحات التواصل الإجتماعي و يتوقف بين السطور:
“بسم الله الرحمن الرحيم
أيها القراء الكرام،
تطالعنا بين الفينة والأخرى في مسيرة الأمم محطاتٌ يختبر فيها مدى تمسك المجتمعات بمبادئ العدل واحترام كرامة الإنسان، وتُكشف فيها عن حقيقة الانحياز إلى الحق أم الانزلاق إلى دروب الاستبداد. ومن بين هذه المحطات الأليمة ما تتعرض له المحامية والسياسية المعارضة الأستاذة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، التي ظلت حبيسة الاعتقال القسري منذ أكثر من عامين، في قضية تثير الكثير من التساؤلات المشروعة حول نزاهة القضاء واستقلاليته.
ففي جلسة 24 أكتوبر الماضي، التي حضرتها الأستاذة عبير بشأن ما يُعرف “بجريمة الفصل 72” – وهي تهمةٌ يرى كثيرون أنها مُلفقة – تقدمت بسؤالٍ جوهريٍّ يمس صميم العدالة: هل هي في حالة إيقاف أم في حالة سراح؟ ذلك أن القانون ينص على كونها في حالة سراح، بينما واقع الحال يقول إنها ما تزال رهينة الحبس. وهو سؤالٌ لم تجب عنه المحكمة، بل أجلت النطق بالحكم إلى 14 نوفمبر القادم، مما يزيد من حيرة المتتبعين ويُغذي شكوكهم حول مدى احترام الإجراءات القانونية.
وليس هذا فحسب، بل إن للأستاذة عبير موعداً مع جلسة أخرى بعد غد يوم الجمعة31 أكتوبر2025، تُنظر فيها قضية تتعلق بالهيئة العليا المستقلة للإنتخابات. واللافت أن التهمة الموجهة إليها لا تتعدى نقداً موضوعياً لأداء هذه الهيئة، وهو حقٌّ تكفله المواثيق الدولية والدساتير، وتحصنه صفة المحامية ورئيسة الحزب المعارض التي تحملها الأستاذة عبير موسي. فقد ناقشت مسار الهيئة ونقدت أداءها دون تجريحٍ في الأشخاص أو شتمٍ أو قذف، ومع ذلك تُواجه بموجب الفصل 24 من المرسوم عدد 54 سيء الذكر، الذي قد تصل عقوبته إلى عشر سنوات سجناً.
فما هذا الذي يجري؟ أين نحن من مبدأ “التجريم والعقاب على قدر الفعل”؟ وأين مبدأ “البراءة هي الأصل”؟ وكيف يُسوغ لنقدٍ مهنيٍ موضوعيٍ أن يتحول إلى جريمة يعاقب عليها القانون بهذه القسوة؟ إنها أسئلةٌ تضع النظام القضائي بأكمله أمام امتحانٍ عسير، وترفع علامات استفهام كبيرة حول مدى توظيف القضاء لتصفية الحسابات السياسية وقمع الأصوات المعارضة.
إن استمرار احتجاز الأستاذة عبير موسي بهذه الصورة، والإجراءات القانونية غير المبررة التي تُتخذ ضدها (كما وضحتها هيئة الدفاع عنها في أكثر من مناسبة)، لا يمثلان انتهاكاً لحقوقها الشخصية فحسب، بل هما اعتداء صارخ على حرية التعبير، واستهانة بحق الدفاع.. إن دولة القانون والمؤسسات يُفترض أن تكون حامية للحقوق والحريات.
إننا نطالب باحترام سيادة القانون، وبتحقيق العدالة النزيهة التي لا تحابي أحداً، وبالإفراج الفوري عن الأستاذة عبير موسي وكافة المعتقلين في قضايا الرأي. فالأمة التي لا تحمي حرية أبنائها في التعبير، وتقمع صوت الناقد البناء، هي أمة تُقيد نفسها بسلاسل الجهل والظلم، وتدفع ثمناً غالياً هو تأخرها عن ركب الحضارة والتحضر.
د. عبد السلام شقير، 29 أكتوبر 2025″.



شارك رأيك