نص البيان: “تضامنًا مع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية: لن تُسكتوا صوت العدالة، ولن تُطفئوا ضمير المهمشين”

بمزيج من الغضب العميق والأسف الشديد، تلقينا في جمعية “نوماد 08” نبأ القرار الإداري الجائر والقاضي بتجميد نشاط رفاقنا في النضال، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (FTDES).
إن هذا القرار التعسفي، والذي يأتي في سياق هجمة ممنهجة تطال قلاعًا مدنية أخرى في تونس، وعلى رأسها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات (ATFD)، ليس مجرد إجراء إداري، بل هو عمل سياسي بامتياز، يكشف عن نية مبيتة لإغلاق المجال العام، وتدجين كل صوت حر، وإخراس كل من يرفض الاصطفاف.
إن استهداف المنتدى اليوم ليس صدفة، بل هو استهداف مقصود ومدروس لما يمثله هذا الصرح النضالي. المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية هو أحد أبرز قلاع المجتمع المدني المستقل في تونس، والذي تأسس في أعقاب ثورة 2011 ليملأ فراغاً حيوياً في الدفاع عن الحقوق المنصوص عليها في اسمه. هو ليس مجرد منظمة حقوقية مكتبية، بل هو “صوت من لا صوت لهم” بامتياز، حيث اختار منذ البداية الانحياز التام والعميق لقضايا المهمشين والفئات المستضعفة في كافة أنحاء البلاد.
يشتهر المنتدى برصده الميداني الدقيق و”مرصده للعدالة الاجتماعية” الذي يوثق نبض التحركات الاجتماعية والاحتجاجات المطلبية بالحق في الشغل والتنمية، كما يتبنى بشجاعة قضايا العدالة البيئية، ويفضح الانتهاكات في المناطق المنكوبة صناعياً، وعلى رأسها قابس والحوض المنجمي. بالإضافة إلى ذلك، يلعب المنتدى دوراً محورياً ورائداً في ملف الهجرة، سواء عبر الدفاع عن حقوق المهاجرين في تونس، أو عبر الوقوف إلى جانب عائلات المفقودين في البحر، مقدماً تحليلات نقدية للسياسات التي تفاقم المآسي الإنسانية، ليصبح بذلك ضميراً حياً للعدالة الاجتماعية والبيئية في تونس.
لهذا السبب بالذات، يُعاقب المنتدى اليوم. يُعاقب لأنه يذكر السلطة، كل يوم، بفشلها في تحقيق وعود الثورة. يُعاقب لأنه يوثق الجريمة البيئية في قابس، بدلاً من الصمت المتواطئ. يُعاقب لأنه يدافع عن كرامة المهاجرين، في زمن صعود الكراهية. ويُعاقب لأنه يقف مع أمهات المفقودين، ومع العاطلين عن العمل، ومع كل من يطالب بحقه في الحياة الكريمة.
إن السلطة، بعجزها عن تقديم الحلول، تختار مهاجمة من يفضح الأزمة.
وعليه، فإننا:
- نُعلن تضامننا المطلق مع رفاقنا في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومع رفيقاتنا في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، ومع كل المنظمات المستهدفة.
- نُدين بأقوى العبارات هذا القرار الجائر، ونعتبره باطلاً سياسياً وأخلاقياً، وانتهاكاً صارخاً لحرية التنظيم المكفولة بالدستور والمواثيق الدولية.
- نُطالب بالتراجع الفوري عن هذا القرار التعسفي، والوقف التام لكل أشكال التضييق والترهيب المسلطة على المجتمع المدني.
- نؤكد أن هذه الممارسات لن ترهبنا ولن تكسر إرادتنا، بل ستزيدنا إصراراً على مواصلة النضال المشترك من أجل تونس حرة، عادلة، وديمقراطية.
ستبقى قلاعنا صامدة، وأصواتنا عالية.
تونس في 28 أكتوبر 2025
جمعية نوماد 08



شارك رأيك